_ ... إتقان المشورة أهم من النظر في نتائجها فإن المستشار وإن كان حصيف الرأي ثاقب الفكر، فإنه لا يستطيع أن يفيد من استشاره حتى ينكشف له أمره بغاية الوضوح، فإذا أخفى المستشير بعض تفاصيل القضية فإنه يكون قد جنى على نفسه، حيث قد يتضرر بهذه المشورة.

_ ... أن على القائد وكل مسئول أن يكون مخالطاً لمن ولي أمرهم على مختلف طبقاتهم ليكون دقيق الخبرة بأمورهم، وفي هذا أكبر العون له على تصور مشكلاتهم والمبادرة بإيجاد الحلول لها، أما المسئول الذي يعيش في عزلة ولا يختلط إلا بأفراد من كبار رعيته، فإنه لا يصل إليه من المعلومات إلا ما كان من طريق هؤلاء، وقد لا يكشفون له الأمور بكل تفصيلاتها، فقد يحللون له الأمور على غير وجهها الصحيح.

_ ... الاهتمام بأمر حراسة المسلمين خاصة من مكامن الخطر، واختبار الحرّاس الأمناء من ذوي النباهة وعدم وضع الثقة الكاملة بهم، بل لا بدَّ من الرقابة عليهم حتى يؤتى المسلمون من قبلهم.

_ ... أن يسلك المسئول في عقاب المخالف مسلكاً وسطاً، فلا يتهاون فيترك عقوبة المستحق، فإن ذلك يجرِّئه على مزيد من المخالفة، ويجريْ غيره على ارتكاب المخالفات، فتسود الفوضى وينفلت الأمر، ولا يشتد في العقوبة فينفِّر الرعية، ويدفعهم إلى التسخط والتحزب، بل تكون عقوبته بحكمة واتزان بعد النظر والتروي بحيث تؤدي غرضها التربوي بدون إثارة ضجة، ولا دفع إلى النقد والتسخط (?).

_ ... أن يكون لدى المسئول يقظة وإنتباه لكل ما يجري في حدود المسئولية المناطة به حتى يشعر أفراد الرعية بأن هناك إهتماماً بأمورهم فيزيد المحسن إحساناً ويقتصر المسيء عن الإساءة، ولكن بدون تجسس عليهم، فإن ذلك يعتبر فضيحة لهم، وقد ينقطع بذلك خيط العلاقة الذي يربط المسئول بأفراد رعيته، من المودة والإعجاب والشكر على الجميل، وهذا الخيط ما دام قائماً فإنه يمنع أصحاب الجنوح من إرتكاب المخالفات التي تفسد المجتمع وتحدث الفوضى، فإذا انقطع ولم يكن هناك عاصم من تقوى الله تعالى فإن أهم الحواجز التي تحول دون الإنطلاق وراء الشهوات تكون قد تحطمت، ويصعب بعد ذلك علاج الأمور لأنها تحتاج إلى قوة رادعة وهذه لها سلبياتها المعروفة.

_ ... أن يحرص المسئول على مجالسة أهل الصدق والوفاء والعقول الراجحة وإن سمع منهم ما يكره أحياناً من النقد والتوجيه، فإن ذلك يعود عليه وعلى من استرعاه الله أمرهم بالنفع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015