أن هاشماً وعبد شمس ولدا ملتصقين ففصل بينهما بالسيف، فكان بين أبنائهما الدماء لأجل ذلك (?)،
فهذه رواية لقيطة ليس لها راوي، تفوح منها رائحة الأسطورة والخيال، ويكذبها ما رواه ابن اسحاق من أن عبد شمس كان أسن بني عبد مناف (?) والروايات التي تروي أن منافرات حدثت بين هاشم وأمية بن عبد شمس، وبين عبد المطلب بن هاشم وحرب بن أمية (?)، وكلتا الروايتين ترويان عن هشام الكلبي وهو رواية شيعي كذاب يرويهما كلتهما عن رجال مجهولين لا يعرف أسماءهم (?)، إذ إن هذه الروايات كما يبدو واضحاً من سندها المعتل ومتنها المصطنع كانت صدى لما حدث فيما بعد من صراع بين بني أمية وبني هاشم حاول الرواة أن يجعلوا له سنداً تاريخياً ثابتاً، وتظل حقيقة العلاقة الطيبة بين الفريقين لا شك فيها (?) ولذلك يقول ابن خلدون: كان لبني عبد مناف في قريش جمل من العدة والشرف لا يناهضهم فيها أحد من سائر بطون قريش: وكان فخذاهم بنو أمية وبنو هاشم هما جميعاً ينتمون لعبد مناف، وينتسبون إليه، وقريش تعرف ذلك وتسأل لهم الرياسة عليهم، إلا أن بني أمية كانوا أكثر عدداً من بني هاشم وأوفر رجالاً والعزة إنما هي بالكثرة، قال الشاعر: وإنما العزة للكاثر (?) ..
ولعل ما يشير إليه ابن خلدون من تفوق بني أمية قد اتضح قبيل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات عبد المطلب بن هاشم الذي ورث شرف أبيه وبرز نجم أبي سفيان بن حرب فذلك ما يبدو من هذا الوصف الدقيق لطبيعة العلاقة بين بين بني أمية وبني هاشم على لسان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه لما سئل: أيكم كان أشرف أنتم أو بنو هاشم؟ فأجاب: كنا أكثر أشرافاً وكانوا هم أشرف، وكان فيهم عبد المطلب ولم يكن فينا مثله، فلما صرنا أكثر عدداً وأكثر أشرافاً، ولم يكن فيهم واحد كواحدنا، فلم يكن إلا كقرار العين حتى قالوا: منا نبي، فجاء نبي لم يسمع الأولون والآخرون بمثله، محمد صلى الله عليه وسلم، فمن يدرك هذه الفضيلة وهذا الشرف (?)؟. إن كل ذلك لا ينفي احتمال وجود نوع من التنافس بين الجانبين قبل الإسلام، في ضوء ما نعرف من طبيعة الحياة العربية في مكة قبل الإسلام، ولكنه تنافس يحدث بين الإخوة أحياناً، وبين أبناء الأب الواحد، غير أنه لم يتطور ليصبح تربصاً وعداء كما يزعم المتزيدون (?)، ولدينا من شواهد التاريخ ما يدل على قوة العلاقة بين بني هاشم وبني أمية، فقد كان عبد المطلب بن هاشم ـ زعيم الهاشميين في عصره ـ صديقاً لحرب بن أمية ـ زعيم الأمويين ـ كما كان العباس بن عبد المطلب ابن هاشم صديقاً حميماً لأبي سفيان بن حرب بن أمية، وفي قصة