معاوية خلا بعبيد الله وقال له: كيف ضيعت مثل هذا الرجل - يعني الأحنف- فإنه عزلك وأعادك إلى الولاية وهو ساكت, وهؤلاء الذين قدمتهم عليه واعتمدت عليهم لم ينفعوك ولا عرجوا عليك لما فوضت الأمر إليهم, فمثل الأحنف من يتخذه الإنسان عوناً وذخراً قال: فلما عادوا إلى العراق أقبل عليه عبيد الله وجعله بطانته وصاحب سره (?) وفي هذا الخبر موقف لمعاوية رضي الله عنه حينما علم قدر الأحنف بن قيس رحمه الله وأدرك رفعة منزلته, فرفعه وأدناه منه وأظهر له كثيراً من الاهتمام والاحترام وهذا كما أنه يعتبر من تقدير أهل الفضل فهو يعتبر من السياسية الجيدة في احتواء أهل القوة والتأثير على الناس (?) واستيعابهم ومن القصص التي حدثت بين معاوية والأحنف والتي تدل على سعة صدر معاوية ومعرفته بعواقب الأمور, فعندما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه يوما, فقال له معاوية: والله يا أحنف ما أذكر يوم صفين إلا كانت حزازة في قلبي إلى يوم القامة؟ فقال له الاحنف: والله يا معاوية إن القلوب التي ابغضناك بها لفي صدورنا, وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها, وإن تدن من الحرب فتراً ندن منه شبراً, وإن تمشى اليها نهرول اليها, ثم قام وخرج وكانت اخت معاوية من وراء حجاب تسمع كلامه فقالت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعد؟ قال هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مائة ألف من تميم لا يدرون فيم غضب (?).

س- أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه:

ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب وجاء بالسند فقال: من جامع معمر رواية عبد الرزاق (?) , قال: حدّثنا معمر, عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن معاوية لما قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري , فقال له معاوية: يا أبا قتادة, لم يكن معنا دواب, قال معاوية: فأين النَّواضح؟ قال أبو قتادة: عقرناها في طلبك, وطلب أبيك يوم بدر, قال: نعم يا أبا قتاده: قال أبو قتادة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: إنَّا سنرى بعده أثرة, قال معاوية: فما أمركم به عند ذلك؟ قال: أمرنا بالصبر, قال: فاصبروا حتَّى تلقوه (?).

5 - تواضعه وورعه:

ومن صفات معاوية رضي الله عنه التي اشتهر بها صفة التواضع فقد كان في خطبه العامة يعترف بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015