العسكر بأمر أبي جعفر (?). وكان جيش ابن هبيرة كبيراً يتكون من الجند السوري الموجود في العراق ومن أهل خراسان الموالين لبني أمية ومن أهل العراق اليمانيين والقيسيين. على أن ضعفه كان بارزاً يتمثل في العصبية القبلية التي شقته فشلت حركته ولذلك لم يصمد مع ابن هبيرة على القتال إلا الصعاليك والفتيان وقد استطاع أبو جعفر أن يكسب اليمانية في واسط بإغرائهم قائلاً: السلطان سلطانكم والدولة دولتكم. فانشق زياد الحارثي مع اليمانية عن ابن هبيرة وجذب معه شيوخاً آخرين، ويظهر أن هؤلاء الشيوخ كانوا قد سئموا الأمويين وأملوا الخير العميم من دولة (أهل البيت) الجديدة (?). لقد دام الحصار
حوالي 11 شهراً ولما يفكر ابن هبيرة بالاستسلام حتى سمع بنبأ نهاية مروان فلم يبق مبرر للمقاومة فجرت محادثات للصلح وأعطى أبو جعفر أمانا لابن هبيرة شاور فيه ابن هبيرة الفقهاء والعلماء أربعين يوماً حتى يرى نقاط الضعف والقوة فيه، ثم وافق عليه، وأرسله إلى أبي جعفر لأخذ موافقة الخليفة عليه وقد أورد ابن أعثم الكوفي نص الأمان. على أن السلطة العباسية لم تكن لتحتمل ذلك القائد والوالي ذا النفوذ القبلي الكبير والذي كان يعامل أبا جعفر وكأنه مساوياً له من حيث المنزلة وكان يحف به في ذهابه وإيابه 800 مقاتل بين فارس وراجل (?).
والواقع فإن أبا جعفر أراد أن يكسبه للدولة الجديدة فكان يقول: عجباً لمن يأمرني بقتل مثل هذا. كما أنه كان يستشيره فيشير إليه قائلاً: إن دولتكم هذه جديدة فأذيقوا الناس حلاوتها وجنبوهم مرراتها لتسرع محبتكم إلى قلوبهم ويعذب ذكركم على ألسنتهم (?)، على أن الخليفة أمر أبا جعفر بقتله لأسباب سياسية وتعددت الروايات التاريخية في أسباب قتله فمنهم من يذكر أنه كان بتحريض من أبي مسلم الذي كتب إلى الخليفة: أنه قلّ طريق سهل تلقى فيه حجارة إلا ضّر ذلك بأهله ولا والله لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة (?) وقد تردد أبو جعفر في قتله وقال: لا أفعل وله في عنقي بيعة وأمان: فأجابه أبو العباس: والله لتقتلنه أو لأبعثن إليك من يخرجه من عندك ويتولى ذلك عنك (?) وواضح أن الخليفة رأي في ابن هبيرة خطر على الدولة الجديدة ووافقه في ذلك أبو مسلم (?) قال الذهبي في مقتل ابن هبيرة .. فحاصره المنصور مدة ثم خدعه المنصور وآمنه، ونكث فدخلوا عليه داره فقتلوه صبراً وابنه داود ومماليكه وحاجبه،