تقوم حين وآخر بثورات وكانت ثوراتها تخمد في كل مرة، فتزداد الكراهة وتشتد العداوة (?) فهذه من أهم الفئات التي استهدفتها الدعوة العباسية، فقد كانت تشكل تربة خصبة لحشد الإتباع والمناوئين للدولة الأموية فأي حركة منظمة تريد أن تسقط نظاماً ما لا بد لها من معرفة أعداء ذلك النظام والعمل على حشد القوى ضده مع ضرورة إمساكها بخيوط الثورة بيدها، فهذه بديهة من بديهات العمل السياسي المنظم. كان على رأس الدعوة العباسية رجال من بني العباس، " دهاة أقويا " منظمين عارفين بما يقومون به: أولهم محمد بن علي وأقرباؤه وابنه إبراهيم، ثم تبعهم عدد من إخوة إبراهيم ومن أعمامه وأقاربه، وقد اشتركوا جميعاً في تنظيم الثورة ووضعوا خططها وأشرفوا عليها ووجَهوها كما يجب أن توجه. نعم إنهم تحالفوا مع أعداء بني أمية جميعاً واستفادوا منهم كل الاستفادة، لكنهم هم الموجهون وهم أصحاب الأمر، أما الدعاة والقواد فإنهم يتلقون أوامرهم منهم فيتبعونها بحذافيرها، نعم إنهم استفادوا من العناصر المعادية لبني أمية، وكانت تلك العناصر يجمعها هدف واحد هو إزالة بني أمية، وتجمعها فكرة واحدة، وهي أن بني أمية أعداء الدين لذا وجب القضاء عليهم (?).

5 - المرجعية الشرعية للدعوة العباسية:

تعتبر مدرسة عبد الله بن عباس الحركية والشرعية هي المرجعية للدعوة العباسية، فقد اهتم علي بن عبد الله بن العباس بتراث أبيه وعلومه، يروى ابن سعد بسند أن موسى بن عقبة قال: وضع عندنا كريب حمل بعير أو عدل بعير، من كتب ابن عباس، قال فكان علي بن عبد الله بن عباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: إبعث إليّ بصحيفة كذا وكذا، قال فينسخها فيبعث إليه بأحدها (?) وقد علق الدكتور صالح أحمد العلي على هذا الأثر فقال: غير أن موسى بن عقبة لم يحدد فيما إذا كان كتب ابن عباس هي مما ألفه أو مما امتلكه كما أنه لا يذكر مواضيعها، أي فيما إذا كانت في التفسير أم في علوم أخرى (?). وذكر صاحب الوصية السياسية في العصر العباسي بأن محمد بن علي حين نشأ: ألزمه أبوه أصحاب جده - ابن عباس - فكان كذلك حتى علم وفقه فجلس يوماً يفتي في المسجد الحرام بمثل فتياجده (?)، وقد أبهرت فتواه سعيد بن جبير رضي الله عنه حين سمعه فقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني رجلاً من ولد ابن عباس يفتي بفتواه (?) والمعلوم لدى الباحثين أن عبد الله بن عباس تقدم في التفسير بسبب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015