عبد الواحد حتى دخل المدينة فضرب على أهلها البعث وزادهم في العطاء عشرة واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن عثمان (?)، فمضوا حتى إذا كانوا بقديد لقيتهم جنود أبي حمزة فأوقعت بهم، وقتلت منهم مقتلة عظيمة، وذلك لسبع بقين من صفر سنة 130 هـ ثم سار أبو حمزة حتى دخل المدينة من غير أن يلقى فيها حرباً ووقف أبو حمزة خطيباً مفوها في أهل المدينة، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: تعلمون يا أهل المدينة أنّا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشراً وبطراً ولا عبثاً، ولا للدولة ملك نريد أن تخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق عطلت، وعنف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت وسمعنا داعياً يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن فأجبنا داعي الله " ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض " (الأحقاف: 32).

أقبلنا قبائل شتى، النفر منا على بعير واحد عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافاً واحداً، قليلون مستضعفون في الأرض، فقوَّانا وأيدنا بنصره فأصبحنا - والله - جميعاً بنعمته إخوانا، فلقينا رجالكم بقديد، فدعوناهم إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان وحكم آل مروان فشتان لعمر الله بين الرشد والغي، ثم أقبلوا يهرعون يزفون قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه، وغلت بدمائه مراجله وصدق عليهم ظنّه، وأقبل أنصار الله عز وجل عصائب وكتائب لكل مهند ذي رونق فدرات رحانا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون. وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا آل مروان ومروان يسحقكم الله عز وجل بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنين. يا أهل المدينة أو لكم خير أول، وآخركم شر آخر. يا أهل المدينة الناس منا ونحن منهم، إلا مشركاً أو عابد وثن أو مشرك أهل الكتاب أو إماماً جائراً. يا أهل المدينة من زعم أن الله عز وجل كلف نفساً فوق طاقتها أو سألها مالم يؤتها عز وجل فهو عدو لنا ولنا حرب. يا أهل المدينة!! أخبروني ثمانية أسهم فرضها الله عز وجل في كتابه على القوي والضعيف، فجاء تاسع ليس له منها ولاية ولا سهم واحد، فأخذها لنفسه مكابراً محارباً لربه.

يا أهل المدينة بلغني أنكم تنتقصون أصحابي، قلتم: شباب أحداث، وأعراب جفاة ويلكم أهل المدينة، وهل كان أصحاب رسول الله إلا شباباً أحداثاً شباب - والله مكتهلون في شبابهم، غضية عن الشر أعينهم، ثقيلة عن الباطل أقدامهم، قد باعوا الله عز وجل أنفساً تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالهم، وقيام ليلهم بصيامهم نهارهم، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مروا بآية شوق شهقوا شوقاً إلى الجنة، فلما نظروا إلى السيوف قد انتضبت والرماح قد شرعت وإلى السهام قد وجهت وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، واستخفوا وعيد الكتيبة لوعيد الله عز وجل ولم يستخفوا وعيد الله لوعيد الكتيبة فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015