ورؤوس أهل حمص، فبايعوه فأمرهم أن يختاروا لولاية أجنادهم، فاختار أهل دمشق زامل بن عمرو الجبراني، وأهل حمص عبد الله بن شجرة الكندي، وأهل الأردن الوليد بن معاوية بن مروان، وأهل فلسطين ثابت بن نعيم الجذامي الذي كان استخرجه من سجن هشام وغدر به بأرمينية، فأخذ عليهم العهود المؤكدة والإيمان المغلظة على بيعته وانصرف إلى منزله في حّران (?). ورغم ما كان يتمتع به مروان بن محمد من صفات مثل الشجاعة والإقدام وسداد الرأي وغيرها من الصفات التي تؤهله لمنصب الخلافة.

إلا أن الله قدر أن تكتب على يديه نهاية الدولة الأموية وأن يكون هو الفصل الأخير في تاريخها، وقد لا يكون هو المسئول الأول عن ذلك، فإن العوامل التي أدت إلى زوال الدولة كانت تتفاعل منُذ زمن بعيد، وقدر له وحده أن يصارع أحداثاً كانت كلها تعمل ضده وأول خطر واجهه مروان هو انقسام الأمويين على أنفسهم والذي كان من أسوأ نتائجه انقسام كتلتي العرب الرئيستين في الشام وهما اليمنيون والقيسيون، فقد انقلب اليمنيون ضد مروان وانحاز القيسيون إليه، وتظهر خطورة هذا الانقسام في أنه حدث في مقر الخلافة الأموية وبين أكثر أنصار الأمويين قوة، ولهذا كان اضطراب الأمر في الشام، إيذانا باضطراب أمر الدولة كلها، وقد حاول مروان منُذ بيعته في دمشق، أن يهدئ خواطر الناس وأن يبعث الثقة في النفوس، فلما بايعه الناس، عرض عليهم أن يختاروا بأنفسهم من يرضون من الولاة لولايات الشام الرئيسية وكانت تلك سياسة حكيمة من مروان فهو لم يفرق بين عرب اليمن وبين قيس، فهولاء الولاة فيهم يمنيون وقيسيون وقد أظهر مروان بذلك مروانه كبيرة، حتى أنه قبل اختيارهم لثابت بن نعيم الجذامي مع أنه قد سبق له الغدر بمروان في أرمينية (?). وتزعم حركة عصيان قام بها جند الشام هناك ضد مروان (?).

ولكن مروان عفا عنه وعينه والياً على فلسطين، تسكيناً للفتنة وحسماً للفرقة والخلاف وبعد أن رتب أوضاع الشام غادر دمشق إلى حران - بالجزيرة - التي اتخذها مقراً لحكمه، وتمشياً مع خطته، في إصلاح الأحوال، وكبح جماح الفتنة فإنه حينما جاءه إبراهيم بن الوليد، الخليفة المخلوع، وسليمان بن هشام اللذان كانا قد هربا من دمشق قبل وصوله إليه، وطلبا منه الأمان أمنهما وعفا عنهما وبايعاه (?).

كان مروان متعصباً لأمويته، وحاول جاهداً أن يتلافى الخلل والاحتفاظ ببقاء الحكم في أسُرته، فبايع لابنيه عبيد الله وعبد الله (?). وانتهز هذه المناسبة لتكون فرصة للمصالحة بين أبناء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015