وثلاثين يوماً. فلما كان في الليلة التي استكمل فيها ثلاثة وثلاثين يوماً إذا خادم يدق الباب يقول: أجب أمير المؤمنين، وأحمل معك دواء الذبحة - وقد كان أخذه مرة فتعالج فأفاق - فخرجت ومعي الدواء فتغرغر به، فازداد الوجع شدة، ثم سكن فقال لي: يا سالم، قد سكن بعض ما كنت أجد، فانصرف إلى أهلك، وخلف الدواء عندي، فانصرفت فما كان إلا ساعة حتى سمعت الصراخ عليه، فقالوا: مات أمير المؤمنين. فلما مات أغلق الخزان الأبواب، فطلبوا قمقماً يسخن فيه الماء لغسله، فما وجدوه حتى استعاروا قمقماً من بعض الجيران، فقال بعض من حضر ذلك: إن في هذا لمعتبراً لمن اعتبر. وكانت وفاته بالذبحة، فلما مات صلى عليه ابنه مسلمة (?). وقال ابن كثير: وصلى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك (?).
قال ابن كثير: كانت وفاته بالرّصافة يوم الأربعاء لستَّ بقين من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة وهو ابن بضع وخمسين سنة، وقيل إنه جاوز الستين (?). وكان نقش خاتمه: الحكم للحكم الحكيم (?).
لما مات هشام تولَّى ملك بني أمية واضطرب أمرهم جداً، وإن كان قد تأخّرت أيامهم بعده نحواً من سبع سنين، ولكن في اختلاف وهَيْج، وما زالوا حتى خرجت عليهم بنو العباس فاستلبوهم نعمتهم وملكهم، وقتلوا منهم خلْقاً وسلبَوهم الخلافة، كما سيأتي إن شاء الله ذلك مبسوطاً مقّرراً في مواضعه.