- إن حديث لا تشد الرحال ... إلخ. روته كتب السنة كلها، وهو مروي من طرق مختلفة غير طريق الزهري، فقد أخرجه البخاري عن أبي سعيد الخدري من غير طريق الزهري، ورواه مسلم من ثلاث طرق إحداها من طريق الزهري وثانيتها من طريق جرير عن ابن عمير عن قزعة عن أبي سعيد، وثالثتهما من طريق ابن وهب عن عبد الحميد بن جعفر عن عمران بن أبي أنس عن سلمان الأغر عن أبي هريرة، فالزهري لم ينفرد برواية هذا الحديث، كما يزعم جولد تسهير، بل شاركه فيه غيره كما سمعت، وقد سئل ابن تيمية عن حكم زيارة بيت المقدس - وهو ممن ينكر السفر لأجل زيارة القبور؟ فقال: ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تشد الرحال ... إلخ في الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وقد روي من طرق أخرى، وهو حديث مستفيض متلقي بالقبول، أجمع أهل العلم على صحته وتلقيه بالقبول والتصديق، واتفق علماء المسلمين عن استحباب السفر إلى بيت المقدس للعبادة المشروعة فيه، وكان ابن عمر يأتي إليه فيصلى (?).
- إن هذا الحديث رواه الزهري عن شيخه سعيد بن المسيب، ومن المعلوم أن سعيداً ما كان ليسكت عن الزهري لو أنه وضع هذا الحديث على لسانه إرضاء لأهواء الأمويين، وهو الذي أو ذي من قبلهم وضرب وقد توفي سعيد سنة
- (93 هـ) أي بعد مقتل ابن الزبير، بعشرين سنة، فكيف سكت سعيد عن هذا كل هذه المدة، وقد كان جبلاً شامخاً من جبال القوة في الحق لا يبالي في الله لومة لائم (?).
- إن جولد تسيهر المستشرق اليهودي استفاد من بعض الروايات الشيعية التي حاولت أن تشوه تاريخ الزهري بالأباطيل والأكاذيب، ولم يكن بحث جولد تسيهر إلا حلقة مغرضة في سلسلة الأبحاث التي ترمي إلى هدم الجانب التشريعي من الإسلام فكما افترى أعداء الإسلام على الصحابي الجليل أبي هريرة - افتروا على التابعي المشهور الإمام الزهري، قاصدين من وراء ذلك تشكيك المسلمين في مروياتهم وهما اللذان رويا كثير من الحديث النبوي، ونقلا إلى التابعين وأتباعهم جانباً عظيماً من السنة، فإذا ما شك المسلمون في أوثق الرواة وأحفظهم شكوا في جميعهم واستهانوا بمروياتهم، وحينئذ يتحقق لأعداء الإسلام بعض هدفهم وهو تخلي المسلمين وإعراضهم عن الحديث الشريف، الذي كان تطبيقاً عملياً للشريعة الإسلامية، وشرحاً وافياً وبياناً واضحاً للقرآن الكريم، فإذا أعرض المسلمون - لا سمح الله - عن السنة اتسعت الهوة بينهم وبين الكتاب الكريم وسهل على المبشرين زعزعة العقيدة في نفوس الناشئة، وبث الإلحاد الذي يجر وراءه العقائد الدخيلة، والنظريات التي تخدم أعداءنا، وفي هذه الطامة الكبرى والخسارة العظمى للمسلمين في دينهم ودنياهم ولولا خطورة هذه