حاجته الضرورية، أو يضمن له الاستمرار في الطلب فكان لابد له والحالة هذه أن يقبل مساعدة الدولة ويأخذ منها ما يسد حاجاته ويعينه على الطلب، وكان أول من قدم له مثل تلك المساعدة: عبد الملك بن مروان حين قرر العودة إلى المدينة بناء على نصيحته له بذلك، لمواصلة طلب العلم وجمع ما كان منه عند الأنصار، وبعد أن جمع ما جمع من علمهم عاد إلى دمشق، وأخذ يتردد إليها بين الحين والآخر، إلى أن أقام فيها، وتفرغ كلياً لتدريس العلم ونشره فأقبل إليه طلاب العلم من أهل الشام وغيرها ورحل إليه وهو فيها كثير من أبناء الأمصار الإسلامية الأخرى كما مر، فأصبح بذلك يمثل مركزاً من أهم المراكز العلمية في الشام إن لم يكن أهمها على الإطلاق، فكان لا بد من الدولة أن تمد له يد العون والمساعدة وتقدم له ما يمكنه من الاستمرار في القيام بهذا العمل الجليل، والإنفاق على ضيوفه وتلاميذه وقاصديه الذين كان ينفق عليهم بمنتهى البذل والسخاء، حتى كان يضيق ما في يده أحيانا من الإنفاق عليهم فيضطر إلى الاستدانة ليصرف عليهم ويقوم بسد حاجاتهم ما أمكن لذلك، فإن أغلب ما أهدي إليه من الخلفاء كان موجها لسد الديون التي لحقته بسبب إنفاقه على تلاميذه وضيفانه ولم يكن الزهري أول من قبل الجوائز والمعطيات ولا آخر من قبلها بل قبلها غيره من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (?)، فقبلها: زيد بن ثابت من معاوية بن أبي سفيان (?)،

كما قبلها عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن جعفر الطيار وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر والحسين وغيرهم ممن كانوا يفدون عليه بدمشق، فيكرمهم ويقضي حوائجهم (?)، وكان للحسن بن علي بن أبي طالب على معاوية جائزة في كل عام وكان يفد إليه فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم وراتبه كل سنة مائة ألف (?)، كما قبلها الكثير من التابعين أيضاً، كالحسن البصري والشعبي وإبراهيم بن يزيد النخعي، وأبان بن عثمان وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي الزناد (?)، وعبد الله بن محمد بن علي بن أبي طالب الذي وفد على سليمان فأجازه وقضى حوائجه وحوائج من

معه (?)، وقبلها من بعدهم: مالك بن أنس وسفيان الثوري وأبو يوسف والشافعي وغيرهم (?). ومن كل ما تقدم يتضح لنا أن أخذ جوائز السلطان مشروع إذا لم يترتب على أخذه لها ما يخل بدينه ومروءته (?).

د- قصة الصخرة وحديث لا تشد الرحال:

يزعم هذا المستشرق أن عبد الملك بني قبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015