9 - محاربة المذاهب الضالة في عهده:

ظهر في العراق في فترة مبكرة معبد الجهني الذي كان من أوائل القدرية في الإسلام وهم منكرو القدر، وقد جاء بهذه الأفكار - فيما يبدو من مصادر نصرانية، ثم ما لبث أن ثار على الأمويين مع ابن الأشعث فلما فشلت هذه الثورة ألقي الحجاج القبض عليه وقتله (?)، وقد أخذ الأفكار القدرية لمعبد رجال الشام واسمه غيلان الدمشقي وكان مولى لآل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد أدخل على هذه الأفكار مزيداً من التأصيل الجدلي، وكان فيما يبدو مطعوناً في دينه قبل ذلك، فقد قال مكحول الفقيه: ويلك يا غيلان ألم أجدك ترامي النساء بالتفاح في رمضان؟ ثم صرت حارثياً تخدم امرأة الحارث الكذّاب - مدعي النبوة الذي قتله عبد الملك كما سبق بيانه - وتزعم أنها أم المؤمنين، ثم تحولت بعد ذلك قدرياً زنديقاً (?)؟ وقد ناظره عمر بن عبد العزيز لما علم ببدعته، وأبان له ضلاله فأظهر التراجع عن فكره أكثر من مرة، وأمر عمر بالكتاب إلى سائر الأعمال بخلاف ما يقول هؤلاء القدرية، وقد أمسك غيلان عن الكلام حتى مات عمر: فسال منه بعد ذلك السيل (?)، فاستدعاه هشام بن عبد الملك بعد توليه الخلافة وقال له: ويحك قل ما عندك، إن كان حقاً اتبعناه، وإن كان باطلاً رجعت عنه فناظره ميمون بن مهران (?)، والأوزاعي فلما استبان خطؤه ومكره وإصراره على ضلالته، أمر هشام بقتله (?) وأمر بنفي أتباعه، ويبدو أن بعض الناس أرجف بالخليفة بعد ضيعة ذاك حتى أشفق أن، يكون أخطأ بقتله غيلان، فكتب إليه

رجاء بن حيوة فقيه أهل الشام يقول: بلغني يا أمير المؤمنين أنه دخلك شيء من قتل غيلان وصالح لأحد أصحاب غيلان، وأقسم لك يا أمير المؤمنين إن قتلهما أفضل من قتل ألفين من الروم أو الترك (?) ثم ظهر في الشام الجعد بن درهم مولى بني الحكم، وكان معلماً لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وهو أول من تكلم بخلق القرآن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قيل أنه أخذ ذلك من أصول يهودية، فلما أظهر ذلك القول طُلب بالشام، فهرب إلى الكوفة، حيث حبسه عاملها خالد القسري، وأمره هشام بن عبد الملك بقتله فأخرجه في وثاقه يوم عيد الأضحى، وخطب الناس فقال في آخر خطبته: انصرفوا وضحوا تقبل الله منكم، فإني أريد أن أضحي اليوم بالجعد بن درهم فإنه يقول: ما كلم الله موسى، ولا أتخذ إبراهيم خليلاً، تعالى الله عما يقول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015