علي، فلا تغز بالمسلمين فحسبهم الذي فتح الله عليهم (?)، وكان مبعث هذه السياسة هو الخشية على المسلمين من راع يرى مسئوليته عن رعيته إلى جانب تغليب طريق نشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة على الجهاد الحربي، وذلك عن طريق دعوة ملوك ما وراء النهر إلى الإسلام (?)، والصبر على أهل الفتن ومعالجة الأمور بالعدل، ثقة في ظاهر إسلامهم، وتألفا لهم، وهذا ما دفعه إلى عزل الجراح الحكمي عامله على خراسان وتولية عبد الرحمن بن نعيم لما عرف عنه من لين وإيثار للعافي (?)، ومع ما لهذه السياسة من إيجابيات كإسلام بعض ملوك وآهلي هذه المناطق، إلا أنها أطمعت آخرين في المسلمين، وحفزتهم إلى التمرد وشق عصا الطاعة (?)، فقد تمر الصّغد على سلطان المسلمين، وهاجم الترك البلاد وعاونوا الصّغد مُنذ أيام عمر، بن عبد العزيز خلال ولاية عبد الرحمن بن نعيم الغامدي (100 - 10 هـ) وظلت مستعرة الأوار حتى ولاية سعيد بن عبد العزيز

(102 - 103 هـ) الذي تولى خراسان بعده من قبل الخليفة يزيد بن عبد الملك الذي كان عليه إخماد ذلك التمرد، وظل الصّغد بالتعاون مع الترك على تمردهم ومخالفة المسلمين، رغم ما بذله الوالي الجديد من جهد في استمالة دهاقنتها وتسكين أهلها وإتباع سياسة المسالمة تجاههم، لدرجة وسم معها بالضعف وثقل على الناس (?)، لقد تمسك أهل المدن الكبرى في ما وراء النهر بموقفهم وهو عدم دفع الضرائب والامتناع عن تنفيذ أوامر الحكومة الإسلامية ومقاومة جيوشها، ويبدو أن من هذه الضرائب الجزية التي أعاد الخليفة يزيد فرضها على من أسلم بعد أن أسقطها عنهم عمر بن عبد العزيز وعمل عماله على جبايتها بالعنف والقوة، فأدى ذلك إلى نقض أغلب ممالك ما وراء النهر كالصّغد وفرغانه وكش ونسف عهدها مع المسلمين، بل وارتد كثير من الأهالي عن الإسلام (?) وبدأ سعيد بن عبد العزيز حملاته وغزواته للصّغد والترك واستطاع أن يحقق انتصارات عليهم واستطاع القضاء على متمردي الصّغد في حصن أبغر (?)، وصالح أهالي كش، وغزا طخارستان وصالح خزار (?)، واستطاع أن يقضى على حركات التمرد ورجع سعيد بن عبد العزيز الحرشي إلى مرو وقد افتتح عامة حصون الصّغد (?)، وأعادهم إلى الطاعة صلحاً أو عنوة بعد سلسلة من المعارك خاضها إبان حملته على ما وراء النهر ما بين عامي (103 - 104 هـ) وبذلك أعاد المسلمين سيطرتهم التامة على تلك المنطقة من جديد (?)، وقضى الحرشي على أعنف انتفاضة قامت بها شعوب ما وراء النهر، مكنه من ذلك سياسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015