ذمته من مظالم خفية لم تبلغه، وأعلن في هذا الكتاب براءته من الولاة الذين يقع منهم شيء من الظلم، وربط طاعتهم بطاعة الله تعالى، فهو بهذا يجعل كل فرد من أفراد الأمة رقيباً على أمير بلده، يسعى في تثبيته إذا استقام وفي تقويمه إذا أنحرف ... ومن أروع ما جاء في هذا الكتاب تخصيص مبلغ من المال لمن يسعى في إصلاح أمور الأمة، وفي ذلك ضمان النفقة لمن أراد أن يسافر من أجل ذلك حتى لا يفقد به التفكر في تامين تلك النفقة، ثم يختم كتابه بشكر الله جلا وعلا على ما وفقه إليه من الإصلاح الذي تحقق على يديه، وهذا مثل من الإخلاص القوي لله تعالى بحيث يتلاشى حظ النفس ولا يكون إلا لطف الله جل وعلا وتوفيقه ومعونته (?). فهذا دليل على تطبيق عمر لمبدأ تحري ومراعاة أهمية الوقت، حيث لم يقتصر عمر في إدارته للوقت على أغتنام الوقت وإدراك أهميته، بل كانت إدارة كاملة لكل مقتضيا ت إغتنام الوقت وكل ما يتعلق به من ضرورة سرعة إتخاذ القرارات والتوجيه في الأوقات المناسبة والعمل على تلافي التأخير وأسبابه ودوافعه (?).

عاشراً: مبدأ تقسيم العمل في إدارة عمر بن عبد العزيز:

كان عمر بن عبد العزيز قد أشار بصراحة إلى مبدأ تقسيم العمل ومهام المسئولية للدولة، فقد كان في كتابه كتبه إلى عقبة بن زرعة الطائي، بعد أن ولاه خراج خراسان:. .. إن للسلطان أركاناً لا يثبت إلا بها، فالوالي ركن، والقاضي ركن، وصاحب بيت المال ركن، والركن الرابع أنا ـ يعني الخليفة (?). هذا من حيث التقسيم الرئيسي العام، فبالإضافة إلى الأركان الرئيسية لا دارته وهي: الولاية ويشملها الوالي للإقليم، والقضاء ويمثله القاضي، ومالية الدولة ويمثلها الوالي للإقليم، والقضاء ويمثله القاضي، ومالية الدولة ويمثلها رجل أو صاحب بيت المال والرابع السلطة العليا للدولة رجل الدولة أو الخليفة ويمثلها أمير المؤمنين، إلا أن هناك تقسيمات فرعية لمهام الدولة منها ما يتعلق بإمارة الجهاد، فقد كان منصور بن غالب على ولاية الحرب (?)، وعلى الصائفة كل من الوليد بن هشام، وعمرو بن قيس السكوني (?). وقسم أخر وهو ما يتعلق بالأمن الداخلي، إذا أستعمل عمر بن يزيد بن بشر الكلبي على الشرطة (?)، وولى الحرس عمر بن مهاجر بن أبي مسلم الأنصاري، وحاجبه حبيش مولاه وأنشأ نقاط العبور وولى عليها، مثل جواز مصر وكان عليها عمر بن رزيق الأيلي، وهي ما يعرف الآن بنقاط الجمارك (?)، وقسم ثالث يختص بالكتابة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015