محدداً تجاه العالمين، رغم إختلاف موقفهما تجاه قبول الأجر على تعليم الناس، فأيد أخذ الأجر على التعليم، وأنه لا بأس فيه، ثم دعا الله أن يكثر من أمثال الحارث، فاتضحت مرونته في تأييد الموقفين في آن واحد، رغم إختلافهما وياتي ذلك في إطار ماعبر عنه عن قناعته التامة، أن مبدأ المرونة مطلوب وضروري حتى قال: مايسرني لو أن أصحاب (محمد صلى الله عليه وسلم) لم يختلفوا، لا نهم لو لم يختلفوا، لم تكن رخصة (?). وقال: مايسرني بإختلاف أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، حمر النعم (?) فهذه أدلة على تطبيق عمر لمبدأ المرونة في إدارته ولم تكن المرونة عائقاً لتنفيذ القرارات، وتحقيق الأهداف المرسومة، والوصول إلى المرامي والتطلعات (?).

تاسعاً: أهمية الوقت في إدارة عمر بن عبد العزيز:

كان عمر بن عبد العزيز يقضي جل وقته، أن لم يكن كله في تسيير أمور الدولة أوفي عمل فيه مصلحة الأمة أوفي أداء حق الله من العبادة، فكان يقضي ليلته في الصلاة والمناجاة وكان لا يكلم أحداً بعد أن يوتر (?)، وفي إطار إغتنام الوقت نسب إلى عمر قوله: إن الليل والنهار يعملان فيك ـ أي في الإنسان ـ فاعمل فيهما (?)، وكان يغتنم الوقت في الأعمال الصالحة وفي سرعة التوجيه والبت السريع في الأمور وإتخاذ القرارت الإدارية، وتلافي كل من شأنه تأخير أو عمل أو مصلحة، فإن أهم الأدلة على ذلك ما كان منه من سرعة إجراء لإصدار ثلاثة قرارات، تحدث عنها ابن عبد الحكم ورواها قائلاً: فلما دفن سليمان ـ وكان دفنه عقب صلاة المغرب ـ دعا عمر بدواة وقرطاس، فكتب ثلاثة كتب، لم يسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يؤخرها، فأمضاها من فوره، فأخذ الناس في كتاباته إياها هنالك في همزه يقولون: ما هذه العجلة؟ أما كان يصبر إلى أن يرجع إلى منزله؟ هذا حب السلطان. هذا الذي يكره مادخل فيه، ولم يكن بعمر عجلة ولا محبة لما صار إليه، ولكنه حاسب نفسه ورأى أن تأخير ذلك لا يسعه، وكان الكتاب الأول عن أمر لا يمسه هو شخصيا في شئ، بقدر ما يمس المسلمين المجاهدين في القسطنطينية بعد أن أصابهم من الجوع والضنك، وأشتد بهم الأمر أمام عدوهم فأمر برجوع مسلمة بن عبد الملك من القسطنطينية ورفع الحصار فقد رأى عمر أنه لا يسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يلبي شيئاً من أمور المسلمين، ثم يؤخر قفلهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015