يراك أحد فرأيتك تحسن الصلاة، خذ هذا السيف قد وليتك حرسي (?)، وكان يكتب إلى عماله: إياكم أن تستعملوا على شئ من أعمالنا إلا أهل القرآن، فإنه لم يكن عند أهل القرآن خير فغيرهم أحرى بأن لا يكون عندهم خير (?). وإذا شك في أمر من ينوي توليته لم يقدم على توليته حتى يتبين له حاله، فحين ولى الخلافة وفد عليه بلال بن أبي بردة فهنأه وقال: من كانت الخلافة ـ يا أمير المؤمنين ـ شرفته فقد شرفتها، ومن كانت زانته فقد زنتها وإستشهد بأبيات من الشعر في مدح عمر فجزاه عمر خيراً، ولزم بلال المسجد يصلي، ويقرأ ليله ونهاره، فهم عمر أن يوليه العراق، ثم قال: هذا رجل له فضل، فدس إليه ثقة له فقال له: إن عملت لك في ولاية العراق ما تعطيني؟ فضمن له مالاً جليلاً، فأخبر بذلك عمر، فنفاه وأخرجه (?)، وكان يكره أن يولي أحداً ممن غمس نفسه في الظلم أو عمل مع الظلمة لاسيما الحجاج (?)، وإذا كان من قبل عمر يجعل للعصبية والقرابة من البيت الأموي وزنا في تولية العمل، فإنه لم يكن شئ من ذلك في ميزان عمر فحدث الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز جلس في بيته وعنده أشراف بني أمية، فقال: أتحبون أن أولي كل رجل منكم جنداً من هذه الأجناد؟ فقال رجل منهم: تعرض علينا مالا تفعله؟ قال: ترون بساطي هذا؟ إني لا علم أنه يصير إلى بلى، وإني أكره أن تدنسوا علي بأرجلكم، فكيف أوليكم ديني؟ وأوليكم أعراض المسلمين وأبشارهم تحكمون فيهم؟ هيهات هيهات (?). وقد كان لهذا النهج الذي تميزت به سياسة عمر بن عبد العزيز في إختيار الولاة والعمال أثر في الإستقرار السياسي في الأقاليم، حيث رضي الناس سير عماله وحمدوا فعالهم، إذ لم يكن في عماله من هو على شاكلة الحجاج يتعامل مع الناس بالشدة ويا خذهم بالتهمة، كما لم يكن منهم صاحب عصبية يرفع أناساً ويضع أخرين فيجدوا عليه في أنفسهم (?).

ثالثاً: الإشراف المباشر على إدارة شئون الدولة:

أشرف عمر بن عبد العزيز بنفسه على ما يتم في دولته من أعمال صغرت أو كبرت، وكان يتابع عماله في أقاليمهم وساعده على ذلك أجهزت الدولة التي طورها عبد الملك بن مروان، كالبريد، وجهاز الإستخبارات الكبير الممتد في أطراف الدولة والذي كان الخلفاء يستخدمونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015