طارق بن عبد الرحمن ومطرف بن طريف قالا: كنا عند الشعبي فرفع إليه رجلان، مسلم ونصراني، قذف كل واحد منهما صاحبه فضرب النصراني للمسلم ثمانين، وقال للنصراني: لما فيك أعظم من قذف هذا فتركه، فرفع ذلك إلى عبد الحميد بن زيد، فكتب فيه إلى عمر بن عبد العزيز فذكر ما صنع الشعبي، فكتب عمر يحسِّن ما صنع الشعبي (?). هكذا يرى عمر بن عبد العزيز أنه لا حد على قذف الكافر إذ ليس بعد الكفر ذنب، ولأن الكافر فيه الكفر وهو أكبر مما قذف به، إذ لو وجد فيه الزنا فهو أقل من الكفر، إذن فلا حد على من قذف الكافر (?).
إذ قذف الرجل ابنه، فهل يقام عليه الحد أم لا يقام؟ وهل من حق الأب على ابنه أن يقذف بما ليس فيه؟ وإذا كان عليه حد فهل يسقط عنه إذا عفا الابن؟ ذهب عمر بن عبد العزيز إلى أن من قذف ابنه يقام عليه الحد، إلا أنه إذا عفا الولد عن والده فلا يقام عليه حد (?)، فعن ابن جريح قال: أخبرني رزيق ـ صاحب أيلة ـ أنه كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل افترى على ابنه، فكتب بحد الأب إلا أن يعفوا عنه أبنه (?).
إذا كانت النصرانية تحت مسلم، ونظراً لأن قذفها يتعدى لزوجها المسلم أو ابنها المسلم فإن عمر بن عبد العزيز يجلد من قذفها دون الحد (?). فعن أبي إسحاق الشيباني عن عمر بن عبد العزيز في رجل قذف نصرانية لها ولد مسلم، فجلده عمر بضعة وثلاثين سوطا (?). وقد وافق عمر بن عبد العزيز في رأيه هذا الزهري، وقال قتادة: يجلد الحد (?). وقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنه لا يحد، وأما المالكية فقالوا: ينكل من أجل أولادها المسلمين (?).
عن عمر بن عبد العزيز أنه أتته امرأة فقالت: إن فلاناً استكرهني على نفسي، فقال: هل سمعك أحد أو رآك؟ قالت: لا، فجلدها بالرجل (?). هذه مسألة لا تتناول عقوبة الزنا، وإنما هي خاصة بالقذف، فالمرأة التي تدعى على الرجل أنه استكرهها على الزنا، هي بكلامها هذا تعتبر قاذفة له بنفسها وعليه حد القذف إلا أن تأتي ببينة تدرأ عنها هذا الحد، فسماع صياح