لتحقيق هدف إعادة توزيع الدخل والثروة سعى عمر إلى زيادة الإنفاق على الفقراء والمحتاجين، وتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية لهم وهذه مطالب شرعية جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية ولقد اهتم منذ الأيام الأولى لخلافته بإتباع الشرع والتزام الحق والعدل، فأرسل إلى العلماء يستفسر وقد كتب ابن شهاب الزهري لعمر كتاباً عن مواضع السنة في الزكاة ليعمل خلافته فذكر فيها: إن فيها نصيباً للزمنى والمقعدين (أصحاب العجز الأصلى) ونصيباً لكل مسكين به عامة لا يستطيع عَيْلة وتقليباً في الأرض (أصحاب العجز الطارئ كالعامل الذي يصاب في عمله والمجاهد الذي يصاب في الحرب). ونصيباً للمساكين الذين يسألون ويستطعمون الغنى حتى يأخذوا كفايتهم ولا يحتاجون بعدها إلى سؤال) .. ونصيباً لمن في السجون من أهل الإسلام ممن ليس له أحد ... ونصيباً لمن يحضر المساجد الذين لا عطاء لهم ولا سهم ((أي ليست لهم رواتب ومعاشات منتظمة)) ولا يسألون الناس ... ونصيباً لمن أصابه فقر وعليه دين ولم يكن شيء منه في معصية الله، ولا يُتهم في دينه .. ونصيباً لكل مسافر ليس له مأوى، ولا أهل يأوي إليهم، فيؤوى ويُطعم وتُعلف دابته حتى يجد منزلاً أو تقضى حاجته (?).
أـ الإنفاق على الفقراء والمساكين: فقد كان يفكر في الفقراء والمساكين، ويسعى إلى اغنائهم، فقد مرت معنا قصته مع زوجته فاطمة وسألته عن سر بكائه فقال لها: تقلّدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، والكبير، وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم ـ فخشيت ألا تثبت حجتي عند خصومته، فرحمت نفسي فبكيت (?). هذه الحادثة تلخص سياسة عمر في الإنفاق على الفئات المحتاجة، والحادثة مليئة بالمعاني وتحتاج إلى وقفات فقد شعر عمر بعظم المسئولية الملقاة على عاتقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته (?). وقد عمل عمر على سد احتياجات الناس، جاء رجل لعمر فقام بين يديه فقال: يا أمير المؤمنين اشتدت بي الحاجة وانتهت بي الفاقة، والله سائلك عن مقامي غداً بين يديه، وكان عمر قد اتكأ على قضيب، فبكى حتى جرت دموعه على القضيب، ثم فرض له ولعياله، ودفع له خمسمائة دينار حتى