كانت بلغتهم سيرته ومذهبه، فأسلم جيشه والملوك، وتسموا بأسماء العرب وكان عمرو بن مسلم الباهلي عامل عمر على ذلك الثغر (?). إن إيقاف عمر بن عبد العزيز التوسع القائم على استخدام المُقاتلة في الأطراف النائية للدولة وعمله على إحلال الحوار السلمي في إخماد الحركات المسلحة للمعارضة، لا يعني أنه أراد إلغاء المؤسسة العسكرية التي تمتد جذورها إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لها الدور الأكبر في حماية الدولة وتوسيعها وتثبيت الأمن والاستقرار فيها، والواقع أن التنظيمات المتصلة بالمُقاتِلة كانت تمسُّ صميم الحياة المدنية، ولا غنى لأي دولة عن مؤسسة الجيش في حفظ حدودها والمخاطر التي قد تتعرض لها لذلك كان لا بد من إبقاء الجند والمؤسسات المتصلة به، فظلت الأمصار، وهي مراكز إقامة المقاتلة العرب، قائمة دون أن يلغيها، أو يبدلها، أو يدخل تعديلات في تنظيماتها السكانية والإدارية وقضت الأحوال أن يتابع خلال مدة خلافته القصيرة، استمرار الحركات العسكرية المحدودة النطاق في عدد من الجبهات.

ففي أذربيجان أغار الترك على المسلمين: فقتلوا من المسلمين جماعة ونالوا منهم، فَوَجَّه إليهم عمر بن عبد العزيز حاتم بن النعمان الباهلي، فقتل أولئك الترك، فلم يفلت منهم إلا اليسير، فقدم منهم على عمر بخناصرة خمسون أسيراً (?). وفي سنة 100 هـ أغارت الروم في البحر على ساحل اللاذقية، فهدموا مدينتها وسَبَوْا أهلها، فأمر ببنائها وتحصينها (?). وفي 101 هـ: أغزى عمر بن عبد العزيز الوليد بن هشام المعيطي، وعمرو بن قيس الكندي من أهل حمص، الصائفة (?). وأمر بترحيل أهل طرندة (?) وهم كارهون، وذلك لإشفاقه عليهم من العدو (?). وأراد أن يهدم المصيصة لتعُّرضها لغارات الروم، ثم أمسك عن ذلك وبنى لأهلها مسجداً جامعاً من ناحية كفرييا واتخذ فيه صهريجاً وكان اسمه عليه مكتوباً (?). وجعلها مركزاً متقدماً لدرء الخطر عن انطاكية من غزوات الروم المتكررة (?)، ورغم أن الخليفة عمر بن عبد العزيز كان قد حد من النشاط العسكري مع الروم وسحب الجيش الذي كان يحاصر القسطنطينية وبعض الحصون المتقدمة في بلد الروم، إلا أنه كان حازماً شديداً في أخذ الحق والدفاع عنه، وهذا ما تشير إليه رواية ابن عبد الحكم، حيث يذكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015