على أنفسنا، وقبلنا الأمان عليه، فلا ذمة لنا، وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق)، ولما روى عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه: أن يهودياً - أو نصرانيًّا - نخس بامرأة مسلمة, ثم حثى عليها التراب يريدها على نفسها, فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: «إِنَّ لِهَؤُلَاءِ عَهْدًا مَا وَفَوْا لَكُمْ بِعَهْدِكُمْ، فَإِذَا لَمْ يَفُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ» فَصَلَبَهُ عُمَرُ. [مصنف عبد الرزاق 19378]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مرَّ به راهب، فقيل له: هذا يسب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عمر: «لَوْ سَمِعْتُهُ لَقَتَلْتُهُ، إِنَّا لَمْ نُعْطِهِمُ الذِّمَّةَ عَلَى أَنْ يَسُبُّوا نَبِيَّنَا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [أحكام أهل الملل للخلال 726]، ولأن في ذلك ضرراً على المسلمين، أشبه الامتناع من الصَّغَار.
- فرع: وحيث انتقض عهد أهل الذمة؛ (فَيُخَيَّرُ الإِمَامُ فِيهِ) تخيير مصلحة واجتهاد للمسلمين لا تخيير شهوة، (كَـ) ما يتخير في (أَسِيرٍ حَرْبِيٍّ)، وهو الرجل البالغ المقاتل، فيخيَّر الإمام بين أربعة أمور:
1 - قتل؛ لعموم قوله تعالى: (فاقتلوا المشركين) [التوبة: 5]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجال بني قريظة لما نقضوا العهد [البخاري 3043، ومسلم 1768].
2 - استرقاق؛ لأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية، فبالرق أولى؛ لأنه أبلغ في صغارهم.
3 - منٌّ؛ لقوله تعالى: (فإما منًّا بعد وإما فداءً) [محمد: 4]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم منَّ على ثمامة بن أثال [البخاري 462، ومسلم 1764].