أما الحديث: فهو الأخبار التي نقلت لنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. كأن السنة هي الجانب العملي، والحديث هو الإخبار بما جاءنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمثلًا: من الممكن أن تقول: من السنة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، من السنة أن يستاك الإنسان عند القيام من نومه، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وهكذا السنة في هذه الحالة مقصود بها: الجانب العملي من الإسلام، وقد توضع السنة في مقابلة البدعة، فيقال: هذا من السنة، وهذا من البدعة، والسنة في هذه الحالة معناها: أنها الأمر المتوافق مع أدلة الشرع المستنبطة من القرآن ومن السنة، فهي ليست مقصورة في هذه الحالة على الحديث النبوي، ولا يقصد بها النصوص النبوية فقط، وإنما يقصد بها: الحكم الشرعي المستمد من خلال النصوص الشرعية الواردة في المسألة، سواء من أدلة القرآن الكريم، أو من أدلة السنة المطهرة. فيقال: هذا من السنة، ويقال: هذا من البدعة، فمثلًا: نقول من السنة قص الأظافر، ومن البدعة تركها، أو ترك بعض الأصابع. البدعة في هذه الحالة: هي المخالف لمنهج الشرع، والسنة في هذا السياق: هي ما وافق الشرع المأخوذ من كتاب الله -تبارك وتعالى- ومن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
ولذلك؛ حين يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بستني وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) في الحديث الذي رواه الترمذي في كتاب العلم، باب: ما جاء في الأخذ بالسنة، كجزء من حديث طويل نصه من حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: ((صلى بنا النبي -صلى الله عليه وسلم- الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيًا -أي وإن تأمر عليكم عبد حبشي- فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا)) ما هي العصمة من هذا الاختلاف؟