أبي هريرة، قالوا: إن هذا الحديث من رواية أبي هريرة، وقالوا: إنه حديث آحاد يفيد الظن، نفس القضايا التي أثيرت حول السنة تثار من خلال هذا الحديث وغيره مما قلناه.
قضية أنه حديث آحاد يفيد الظن، هذه رددنا عليها في الدروس المتعلقة بالمتواتر والآحاد، وبيّنا أن حديث الآحاد عند كثير من العلماء يفيد القطع؛ أي: نقطع بنسبته للنبي -صلى الله عليه وسلم- وحتى مع القول بإفادته بالظن، بمعنى: أن نسبته إلى -صلى الله عليه وسلم- مظنونة- فهذا لا يمنع العمل به؛ فإن العلماء قد أجمعوا على أنه يجب على الأمة أن تعمل بما غلب على ظنها، وقد أشرنا إلى هذه المسألة -كما قلت- في الدروس المتعلقة بالمتواتر والآحاد.
بقية الشبهات: أنه مخالف للعقل، مخالف للشرع، كيف هو مخالف للشرع؟ يقولون: إن الشرع قد حدثنا على اجتناب الضار، واجتناب النجاسة، والعلم يقطع بمضار الذباب، يعني: النصوص التي تمنع المسلمين من أن يقعوا في الضرر كثيرة جدًّا: بل إن كثيرًا من المحرمات حرمت لضررها، مثل الخمر وما إلى ذلك على الصحة، ومثل التدخين إلى آخر ما نعرفه. الشرع الحنيف حرص من خلال الأدلة المتعددة على الحفاظ على صحة الإنسان، والحفاظ على الصحة هي إحدى الكليات التي حافظ الإسلام عليها، فكيف نأتي بحديث نقول: إنه من أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: إن الذباب فيه داء وشفاء، فليفعل كذا -يعني: الذي قلناه من غرس الذبابة- ثم طردها إلى خارج الإناء.
أيضًا، يقولون: إن هذه ليست عقيدة، وهذا أمر ليس من عبادات الإسلام ولا من شرائعه حتى ندافع عنه، وحتى نستمسك به، وهم يريدون أن يفتحوا الباب لأنفسهم أنه إذا اعترضوا على هذا الحديث فلا غبار عليهم؛ لأنهم لم يتجرءوا