أقول: إن هذه الأمم قد انصهرت في بوتقة الإسلام، وأصبح الإسلام هو الحاكم لكل صغيرة وكبيرة في حياتنا.

وسيرًا مع هذا التطور مثلًا، لماذا في عصرنا هذا لا يوجد من يبيح للمسلمين الاختلاط بين الرجال والنساء؟ لماذا لم يوجد من يسمح لهم بالتبرج ويقول: إن التبرج حلال، لماذا لم يسمح التطور بأن يقال أن الظلم أصبح مستساغًا ومقبولًا؟ لماذا لم يضع أحد أحاديث كأن مثلًا الذبح بغير الطريقة الشرعية حلال ونأكله؟ لماذا ولماذا ولماذا؟ حتى في العصور المتأخرة التي لا أريد أن أقول: ضعف التمسك بالإسلام، الحمد الله هناك صحوة رشيدة وطيبة، لكن أقول: حدث تطور وبعض المسلمين تأثروا ببعض العادات التي جاءت من شرق أو من غرب، وهم يعلمون أنهم في استجابتهم هذه مخالفين للشرع.

لكن أحدًا لم يقل أبدًا: أن السفور هو الحلال والأصوات النشاز التي تصدر بين حين وآخر تحمل هذه الأفكار الرديئة، سرعان ما تنطفئ وتخبو، وتعود إلى جحورها مدحورة، ويظل الثابت هو الذي أجمعت عليه الأمة، من القرآن الكريم ومن أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-.

المستشرقون وصولًا إلى هذه الغاية يُحاولون أن يثيروا بعض الشبهات التي رددنا إليها، يعني مثلًا: قد يستعينون على أن هناك وضعًا للأحاديث في القرن الأول والثاني ببعض الشبهات، مثل قولهم: إن السنة قد تأخر تدوينها، وهذا فتح الباب للإضافة والزيادة والنقصان، وهذه فرية عالجناها في أكثر من درس من دروسنا في هذه المادة، ورددنا بالأدلة على هذه الفرية وأن السنة قد بُدئ في تدوينها من عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتتبعناها خلال العصور المتعددة، إلى أن وضعت رحالها -بعون من الله وتوفيقه- في رحلة تامة من الصياغة والحفظ والرعاية في بطون الكتب المعروفة لدينا الآن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015