نفهم القرآن، وبالتالي سيتعطل عن التطبيق، وهذا هو المراد الذي يهدفون إليه من وراء هذه الدعوى اللئيمة، والعياذ بالله، نسأل الله -عز وجل- ألا يمكنهم أبدًا.
إلى الأن تكلمنا عن مهمتين للسنة النبوية مع القرآن الكريم: المهمة الأولى: هي أنها توافق القرآن الكريم وتؤكد قضاياه، ووضحنا هذا المعنى بأن قلنا: بأن الأمر يأتي في القرآن الكريم، ثم يأتي أيضًا في السنة المطهرة، وضربنا أمثلة لذلك، والعلاقة بينهما في هذه الحالة إنما هي علاقة تأكيد، ثم انتقلنا إلى العلاقة الثانية، وهي علاقة بيان السنة للقرآن الكريم، وقلنا: إن أنواع البيان أربعة تفصيل المجمل، تخصيص العام، تقييد المطلق، توضيح المشكل أو المبهم، وضربنا أمثلة توضيحية لكل هذه المعاني.
وضح من أن من مهمة بيان السنة للقرآن الكريم مدى خطورة هذه المهمة، وأن القرآن يتوقف في فهمه عليها، وبالتالي يتوقف في تطبيقه، إذن هذه مهمة خطيرة وجليلة وعظيمة، بقيت للسنة مهمة خطيرة أخرى، وهي أنها تؤسس أحكامًا على سبيل الاستقلال، أو على جهة الاستقلال بمعنى آخر: هي تشرع كما يشرع القرآن الكريم تمامًا، وهي في هذا واجبة الاتباع كالقرآن الكريم، إذن لا يقتصر دور السنة على بيان القرآن رغم خطورة هذا الأمر، وأهميتها وإنما أيضًا تشرع.
وقد جاءت في السنة أحكام كثيرة، من غير أن يسبق لها ذكر في القرآن الكريم، وليست بيانًا له بواحد من أنواع البيان التي أشرنا إليها، وليست تأكيدًا لما جاء فيه، إنما هي حكم جديد لم يسبق له ذكر في القرآن الكريم، والأمثلة على هذا: أكثر من أن تحصى في مجال الواجبات، وفي مجال المنهيات، وفي مجال المستحبات، وفي مجال المكروهات، ونحن سنكتفي ببعض الأمثلة التوضيحية، لكن هذا أمر عليه عشرات، بل لا أبالغ أذا قلت: عليه مئات الأمثلة من التشريع النبوي،