وهذا الذي يَسير عليه العالم كله؛ إذن الاهتمام بالسند أمر طبيعي جدًّا؛ بل هو الاهتمام الأول، بل هو الأصل الذي تتوجه إليه العناية، ومن ثَمّ فإنّ اهتمام المحدثين بالأسانيد إنما هو اهتمام متوافق مع العقل ومع الواقع ومع الضرورة الشرعية والواقعية والعملية ... إلى آخر ما ذكرنا، وهذا أمر قد وفقهم الله إليه، وسبقوا إليه لدرجة أن حُسدوا عليه فلم يجد الحاسد إلا أن يشكك فيما حباهم الله به من تلك الميزات.
لكنّ السُّؤال الذي ننتقل إليه بعد ذلك: هل اهتمامهم بالسند مع أنه الأصل ومع أنه الأول كان على حساب عنايتهم بالمتن، هذا ما يُرْجِف به المُرجفون، وهذا ما نتحدث حوله.
النقد عند المحدثين دار حول ثلاثة: دار حول الراوي، ودار حول السند، ودار حول المتن. فنقدوا الراوي ونقدوا السند ونقدوا المتن، كيف؟
قد يَشْتَبه القول بأنّ عِندنا نقدًا للراوي ونقدًا للسند وهما ليسا شيئًا واحدًا، نقد الراوي أي: نقد الراوي على حدة مثلًا: حدثني سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد. مَن هو سفيان بن عيينة؟ وما هي صفاته؟ طبعًا هو عالم كبير أنا أضربه فقط لمجرد مثال؛ هذا أبين معنى نقد الراوي. نقد الراوي أحوال الراوي من حيث الصدق والأمانة إذا اجْتَمَع عند الراوي الصدق والعدالة واجتمع له الضبط الدّقيق، فقد حاز على لقب الثِّقَة وروايته صحيحة.
ماذا يعني نقد السند؟ نَقْدُ السَّنَدِ يَعني نقد السند جملة، السّند عبارة عن مجموعة من الرُّواة، قد يكون كل راو منهم عدلًا لكن هل التقوا ببعضهم؟ هل لا يوجد في السند