ما محل الشاهد في هذا الحديث؟
محل الشاهد أن اللفظ الذي استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تعددت فيه الروايات: ((أمكنكتها)) يعني: من التمكن، ((أنكحتكها))، ((ملكتكها))، ((زوجتك إياها بما معك من القرآن الكريم)). هذه الألفاظ المتعددة هم يقولون: مؤكد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد استعمل لفظًا واحدًا خصوصًا أن الواقعة لم تتعدد، يعني: قصة المرأة الواهبة قصة واحدة، فالأغلب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد استعمل لفظًا واحدًا وتعددت ألفاظ الرواة في التعبير عنه، لا بأس هذا ولد ضررًا كما يقولون أبدًا، كل الذي في الأمر أن العلماء ناقشوا ما هو اللفظ الذي يجوز به تزويج المرأة للرجل.
هل إذا قال لها: "ملكتكها" مثلًا يجوز النكاح بلفظ التمليك، أو لا يجوز؟ عند بعض العلماء جاز وعند بعض العلماء لم يجز، أنا قلت: أثرت الدين وسببًا في تعدد الآراء الفقهية التي تحمل سعة للمسلمين، واستعملت عبارة "قل" قلت: سببًا في تعدد الآراء الفقهية ولم أقل: في تعارض الآراء الفقهية، أو فالتعدد ليس دائمًا شيئًا سيئًا، لا بالعكس هو تعدد تنوع وليس تعدد تضاد، فهذا ثراء وهذه سعة من الله -تبارك وتعالى- على عباده.
إذن، المسألة لم تضر بالدين أبدًا، وليأتِ لنا الذين يزعمون ذلك بأي حديث تسببت تعدد الرواية فيه في خلل في المعنى، أو فساد في التطبيق، ولن يستطيعوا أبدًا أن يأتوا بمثال واحد على ذلك، وإنما هي عبارات يفخمونها، ويجازفون من غير أدلة علمية حين يزعم أحدهم أنه لا يوجد حديث واحد روي بلفظه. أنا لا أميل أبدًا إلى استعمال عبارات شديدة، لكن هذا بصر واحد لم يتعامل مع كتب السنة، هذا رأي واحد لم يقرأ البخاري كاملًا، أو لم يقرأ مسلمًا، أو لم يرَ الحديث الوارد عن جملة من الصحابة وقد اتفقوا على اللفظ إلى آخره.
إذن، لم تضر بالدين في شيء.