الإمام أحمد يكون حافظًا لـ (مسند الإمام أحمد) وهكذا، وإلا فكيف يحصل عليه لم تكن هناك اسطوانات للحاسب الآلي كما هي موجودة الآن، لم تكن هناك فهارس للكتب إلى آخره، كان الحافظ يعتمد على ذاكرته.

أما الآن -الحمد لله- يسر الله على أبناء العصر بتيسيرات لا حصر لها، كل المطلوب بعض الهمة اليسيرة في البحث عن الحديث بلفظه؛ حتى لا تقع تحت طائلة الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأنا أرجو أن أنقل هذا الإحساس لإخواني وأبنائي من أهل الدعوة ومن أهل العلم حين نقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا دين يجب اتباعه، وما حاجتك الآن إلى الرواية بالمعنى، كما قلت الكتب في مصادرها الآن.

أيضًا هناك شرط اشترطوه وهي: البراعة في النحو، وفي البلاغة، وفي الفصاحة، وهذا يكاد يكون مفقودًا عند كثير من أبناء العصر، فأنا لا أبيح الرواية بالمعنى لقوم لم يتقووا جيدًا ولم يدرسوا اللغة جيدًا بفصاحتها وبلاغتها وتركيباتها ومفرداتها إلى آخره، ولم يدرسوا النحو لكي يضبطوا الكلمات من ناحية الإعراب ضبطًا دقيقًا، فلا أفتح الباب خصوصًا مع سهولة الحصول على الأحاديث بنصها.

كانت هذه استطرادة.

لكن نرجع لنلخص الشروط التي وضعوها للرواية بالمعنى للجمهور الذي أجازها: أن لا تجوز إلا لعالم بالألفاظ ومقاصدها، أن يكون بارعًا في النحو والصرف والأدب والبلاغة، أن يكون قادرًا على أن يؤدي الحديث خاليًا من اللحن ومن الركاكة ومن الضعف، أن يكون خبيرًا بما يحيل المعاني، وأن يكون بصيرًا بمقدار التفاوت بينها، وأن يوضح ما يدل على أنه قد روى الحديث بالمعنى، حتى لا يخدع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015