السنة الآن معروفة بمصادرها الصحيحة، وعلى درجات متفاوتة في الصحة وفي غيرها، هذا أمر مقرر عند العلماء، لكن السنة الآن مدونة في بطون الكتب بفضل الله -عز وجل-.
فلا يجوز لأحد أن يروي الآن بالمعنى ما دام يمكن الرجوع إلى المصدر الذي تأخذ منه فلا بد من العودة إليه.
وهذا يجرني إلى أن أسمح لنفسي بأن أقول رأيًا في حكم الرواية بالمعنى الآن، أنا حين ذكرت آراء العلماء في الرواية بالمعنى لم أشأ أن أضع لنفسي رأيًا ولا يجوز، فأنا طالب علم وأنقل عن المشايخ العلم، إنما بالنسبة لهذه النقطة بالذات بدأت الكلام حتى أصل إليها؛ لأن هذا النقاش فعلًا في الرواية بالمعنى كان قبل التدوين، الآن هل يجوز لنا أن نروي بالمعنى؟
أقول: لا، هذه القضية الآن لا ينبغي أن تكون مثارة، إنما هي أثيرت لأن جزءًا من السنة نقل لنا بالمعنى، ولكنها دونت وأصبحت موجودة في بطون الكتب، لماذا لا ينبغي أن تكون مثارة؟ لأن السنة قد دُونت، مثلًا: أنا خطيب أخطب الجمعة، أو أنا أؤلف كتابًا، أو أكتب مقالًا، أو أي شيء يقتضي أن أستدل بأحاديث، ما هي الصعوبة في أن أعود إلى المصادر لأنقل منها الحديث بنصه وفصه ولفظه بدون زيادة أو نقصان؟ كان من الممكن أن نناقش قضية الرواية بالمعنى -كما قلنا- لو كنا في عصر المشافهة قبل عصر التدوين التام، أما الآن فالذي يريد حديثًا يرجع إلى بطون الكتب ويأخذ الحديث.
وما أيسر الحصول الآن على الأحاديث، يعني: التذييلات والاسطوانات والفهارس، يعني: في محاضرات سابقة ودروس سابقة قلنا: إن الحافظ من علماء أمتنا القدامى -رحمهم الله- حين كان يقول مثلًا عن حديث رواه البخاري لا بد أن يكون حافظًا للبخاري، رواه