ذلك لا، إنما هناك قواعد مقررة هي أيضًا مستنبطة من أدلتها الشرعية، يعني: هذه القواعد حين وضعها العلماء استدلوا على كل قاعدة بالأدلة الشرعية، وفي النهاية أصبح لدينا منهج ضم مجموعة من القواعد لدراسة المتن ولدراسة الإسناد، فإذا سلم لنا الإسناد وسلم لنا المتن، نستطيع أن نقول: إن الرواية صحيحة بإذن الله.
أيضًا من خصائص الرواية: أنها تعلم أن مرجع الأحكام الشرعية في الإسلام هي إلى القرآن الكريم وإلى السنة المطهرة، فاشتدت العناية بهما اشتدادًا -كما قلت- لم يسبقوا به ولم يُلحقوا فيه؛ فهي جهد، وأكرر السبب في ذلك أنه نبع من حب للدين وحرص عليه وصيانة له، وهو حرص متصل إلى أن أدوا لنا الأمانة ناقية خالصة بإذن الله رب العالمين.
إذًا معرفة الأمة بأن مرجع الأحكام هي إلى القرآن وإلى السنة، جعل الأمة تشتد في العناية بهما، وفي الإسناد المتصل بهما الموصل إليهما حتى يصل الأمر لنا نقيًّا.
أيضًا الإسناد المتصل من أول الراوي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا من خصائص أمة الإسلام، لا يوجد عند أمة غيرنا، بل أنا أقول في كثير من الأحيان بعد أن شرفني الله بالتعمق في دراسة السنة وما يتصل بها في كثير من الأحيان، أتصور أن الهجوم على الصحابة -رضوان الله عليهم- إنما هو نوع من الحسد لهذه الأمة، فلم يوجد عند نبي من الأنبياء جيل اهتم بنقل ما تحمله عن هذا النبي، كما اجتهد الصحابة في ذلك؛ لذلك حسدونا على نعمة الصحابة من بين ما حسدونا عليه، وكان التعبير عن هذا الحدث هو أن يهاجموا الصحابة وأن يشككوا فيهم -بكل أسف- وهيهات أن يصلوا إلى غرضهم، وأمة الإسلام تعرف قدر الصحابة.
لكن على كل حال هذه مسألة استطردت إليها؛ لأبين أن اتصال السند من النبي -صلى الله عليه وسلم- من أعلى إلى رواة الحديث الآخرين الذين وضعوها في الكتب، هذا من خصائص هذه الأمة انفردت بها.