والخلاصة: أن المادة "روى" تأتي بمعنى الحمل والنقل، تأتي بمعنى الإسقاء والإرواء من الماء، تأتي بمعنى الشرب من الماء، في اصطلاح المحدثين: هي نقل الحديث وإسناده إلى مَن رواه، نقل الحديث وإسناده يعني: عزوه أو نسبه إلى من رواه، أنا رويت الحديث يعني: تحملته عن شيخي، وإن كان شيخي له سند إلى منتهى الحديث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلًا فأنا أقول أيضًا: شيخ شيخي وشيوخه إلى أن أصل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنا رويت الحديث يعني تحملته، ثم نقلته إلى غيره مع إسناده إلى مَن أخذته عنه، إلى مَن روي عنه الحديث.
لا يقال: إني رويت الحديث لو أني اكتفيت بتحمله فقط أنا لم أؤده إلى غيري، فلا يقال: إني رويته لغيري، ولا يمكن أيضًا رواية الحديث إلا بعد تحمله، فالجناحان -أي: جناحا الرواية- كلاهما يكمل بعضهما للآخر، ولا يمكن أن يقال: إن هناك رواية من غير أن يكون هناك تحمل وأداء.
الرواية في الاصطلاح هي: نقل الحديث وإسناده إلى مَن رواه أو إلى مَن عزي إليه، أو نسب إليه بصيغة من صيغ الأداء المعروفة عند المحدثين.
المحدثون عندهم مبحث مهم جدًّا جدًّا يدل على دقة متناهية في كيفية تحمل الحديث وكيفية أدائه، نحن أهل الحديث -بفضل الله -عز وجل- الذين شرفهم الله تعالى بالانتساب لهذه المدرسة- كل شيء عندنا منضبط منظم بخطوات، وكل خطوة عليها أدلتها الشرعية، نحن لا نتلقى أي نوع من أنواع التلقي ولا نؤدي بأي طريقة كانت، لا نحن منضبطون، لنا طرق للتحمل وطرق للأداء، أو هي طرق التحمل والأداء، مبحث من مباحث علوم المصطلح، العلماء حصروا الأداء والتحمل في ثمانية أنواع: السماع من لفظ الشيخ، والقراءة على الشيخ،