في هذا الأمر: الأول إن هذا فعل للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهم يقتدون به، لكن بمجرد أن نقل الخبر، وهم لم يروا ناقل الخبر، ولم يأتهم أكثر من واحد، ولم يأتهم خبر العامة كما قال الشافعي، ومع ذلك التزموا ولو لم يكن خبر الواحد حجة عندهم تقوم به الحجة عليهم في أمور عظيمة خطيرة: تحويل القبلة، وغيرها في العقائد، لكان رسول الله قد حاججهم على ذلك، ولكن ذلك لم يحدث، فدل على أن الجميع متفق على وجوب العمل بخبر الواحد.
هذه قضية مهمة، ولا ينبغي لكم أن تسمحوا أبدًا ـ نحن لا نقاتل بالسيوف نقاتل بالعلم بالأدلة ـ حين أقول: لا تسمحوا لا أقصد أننا سنحارب إننا نبين بالأدلة أن خبر الواحد حجة هذه قضية ثابتة بالقرآن والسنة نحن لم نتعرض لأدلة القرآن بعد لكن الإمام الشافعي يسوق أخبارًا، وهي موجودة في الصحيحين وأمامي الآن، وأنا أقرأ عشرات النقول من علماء الأمة، وقد أشرنا إلى بعضها سواء في قضية ثبوت خبر الواحد أو درجة العلم لم ينازع أحد في وجوب العمل بخبر الواحد أبدًا، ولا بالشبهات، ولا بالترهات التي أثارها البعض.
أيضا يسوق الإمام الشافعي دليلا آخر من فعل الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- ففي قصة: شرب الخمر لما حرمها الله تعالى الإمام الشافعي يقول: أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: ((كنت أسقي أبا طلحة، وأبا عبيدة بن الجرح، وابن الجراح، وأبي بن كعب شرابًا من فضيخ وتمر، فجاءهم آت فقال إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس إلى هذه الجرار فاكسرها، فقمت إلى مهراس لنا، فضربتها بأسفله حتى تكسرت)).
هذا الحديث أيضا مروي في الصحيحين في تحريم الخمر، وفي الحدود في حد شارب الخمر إلى آخره يذكرون الأدلة عند البخاري، وعند مسلم ـ رحمهما الله تعالى.