إذن لا عمر شك في خبر أبي موسى، ولا أبو بكر شك في خبر المغيرة بن شعبة الذي روى حديث ميراث الجدة إنما هو مزيد من التحوط ما الدليل على ذلك؟ الدليل على ذلك أدلة كثيرة:
أولًا: حين جاء شاهد مع أبي موسى أو مع المغيرة بن شعبة -رضي الله تعالى- عن الجميع لم يتحول الخبر إلى خبر متواتر، بل ظل كما هو كما نعلم جميعًا خبر آحاد، فاثنان خبر آحاد بإجماع أهل العلم حتى بإجماع من يثير الشبه أو من يثيرون تلك الشبه حول حجية خبر الآحاد، أو العمل به أيضا يعلمون أن رواية اثنين لا تحول الخبر إلى خبر متواتر إذن هم اعتمدوا أيضًا على خبر الآحاد.
أيضًا نحن عندنا عشرات القصص تثبت أن الصحابة -رضي الله عنهم- في كثير من المواقف اعتمدوا خبر الآحاد حتى لو كان الذي رواه واحدًا فقط.
عندنا مثلا يعني عمر في قصة ذهابه إلى الشام، وحين بلغوا أن هناك طاعونًا في الشام وتساءلوا أندخل أم نرجع أو نحجم عن الدخول، فلم يكن الحديث قد بلغهم فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وشهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان الطاعون بأرض قوم فلا يخرج منهم أحد ولا يدخل إليهم أحد)) معنى الحديث هكذا، الصحابة عملوا على رأسهم عمر، وهذا خبر أتى به واحد، وهو أيضًا يتعلق بحكم شرعي.
إنما أحيانا كما هو واضح من السياقات أن القصة نفسها فيها نوع من الطرافة أو من الغرابة التي تحتاج إلى مزيد من التأكيد لأن الأخبار التي نقلها الصحابة، والتي احتاجت إلى تدعيم إنما هي أخبار تتعلق بأحكام شرعية مستمرة إلى يوم القيامة.
الصحابة يعلمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نضر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)) هذا