إذن هذه بعض الأدلة النبي -صلى الله عليه وسلم- توقف في ذي اليدين, عمر توقف في حديث الاستئذان, أبو بكر توقف في ميراث الجدة نقول: إن الفهم غير هذا بالمرة عندنا عشرات الأدلة على أن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- اعتمدوا على أخبار الآحاد في كثير من الأمور، إنما المسألة هنا أنه كما قلنا مزيد من التحوط والتثبت, لننظر إلى القصتين:
القصة الأولى: نبدأ بها أبي بكر ميراث الجدة ليس مذكورًا في القرآن الكريم، ولا هو من الأحاديث المشهورة, وهذا أمر يتعلق بحكم شرعي, فنعطي الجدة نصيبها في الميراث لم يقل بذلك إلا صحابي واحد إذا أراد الصديق -رضي الله عنه- أن يدعم قول الصحابي بصحابي آخر في هذا الأمر الخطير الذي يندر وقوعه، وهذا حكم سيظل ثابتًا إلى يوم القيامة كل ذلك يعلمه أبو بكر أإذا احتاج إلى تدعيم رأي الصحابي بصحابي آخر قلنا: إنه يشك في الصحابي الأول؟ أهذا فهم؟ لا والله إن الرجل يشعر بالمسئولية تجاه الأحكام الشرعية وأن الأحكام ينبغي التحوط والتثبت منها لأنها أحكام شرعية تستمر إلى يوم القيامة، فأراد أن يدعم قول الصحابي بصحابي آخر، وأيضًا إضافة إلى أنهم يعلموننا التثبت أو التحوط في رواية الأخبار حتى لا نجترئ عليها فيقع بعضنا في الخطأ والوهم أحيانًا.
كذلك نفس القصة مع أبي موسى الاستئذان يعني أمر غريب أن تستأذن ثلاث مرات، فإن لم يؤذن لك فارجع، وقد مضت حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومضت خلافة أبي بكر ومضى جزء أيضًا من خلافة عمر كل ذلك لم يأت فيه موقف احتاجوا فيه إلى هذا الحديث، فلما استأذن أبو موسى ثلاث مرات، ولم يؤذن له رجع، فأراد عمر أن يؤكد نفس الخط الذي التزم به الصحابة، وهو أنهم ينبغي عليهم التثبت والتحوط في قبول الأخبار.