للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك فإنا سنقف وقفة أخرى مع قضية الظن والعمل به، لكننا نرد على القول بأن العمل بخبر الآحاد إنما هو عمل بالظن، والظن مذموم.
نقول: إن هذه المقدمة الأولى، وهي أن بخبر الآحاد يقتضي العمل بالظن ليست مسلمة؛ لأن كثيرا من علماء الأمة لم يقولوا بظنية خبر الآحاد في الثبوت، وإنما قالوا بقطعية ثبوته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن قد استعرضنا هذه الآراء بإيجاز في الدرس الماضي، هذا جانب.
والجانب الآخر:
أن الظن قسمان: إذا جاز التعبير هناك ظن مذموم، وهناك ظن غير مذموم أيضا بدلالة الآيات القرآنية.
الظن المذموم هو: الظن غير المبني على أدلة كأننا نتوهم، فنستطيع أن نقول إن الظن المذموم في هذه الحالة إنما هو الظن المرادف للوهم أي: الذي لا يعتمد على أدلة، وأيضًا القرآن الكريم اعتبر الظن، ونحن في الدرس الماضي عرفنا الظن، وقلنا في تعريفاته: تعريفات متعددة قالها العلماء منها: أن الظن التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد غير الجازم، وهذا قاله: الفيروزآبادي في (القاموس المحيط) وكأنه تعريف لغوي، وليس تعريفا اصطلاحيًا، الجرجاني في (التعريفات) يقول: إن الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، يعني ترجيح أحد الاحتمالين كما يقول الأصوليون.
إذن الظن هو ترجيح أحد الاحتمالين بناء على قرائن يعني: محمد مسافر أو غير مسافر إذا قلت: إنه مسافر على غلبة الظن، يعني ترجح لدي بقرائن أنه مسافر ليست عندي أدلة أنه قد سافر، فأنا أقولها على سبيل الظن، يعني ترجيح أحد