القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتفية عنهم، فمتى تواتر الخبر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقه، وأوجب وقوع العلم ضرورة". هذا في (الكفاية) وهو يتكلم عن المتواتر والآحاد.
نلاحظ أن الخطيب -رحمه الله- في تعريفه يركز على عدد الرواة وصفاتهم، ولم يتعرض لبقية الشروط التي ذكرها ابن حجر، وإن كنا نستطيع أن نعتبره قد ضمنها ضمنيًّا بعض الشيء في تعريفه.
أما ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- في مقدمته، فيعرف الحديث المتواتر بأنه عبارة عن "الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة، ولا بد في إسناده من استمرار هذا الشرط في رواته من أوله إلى منتهاه" هذا كلامه.
ومهما يكن من أمر عبارات علمائنا الأجلاء في تعريف التواتر، فإننا نستطيع أن نصوغ منها تعريفًا يحوي في طياته الشروط التي وضعوها للمتواتر، فنقول عنه -أي في تعريف المتواتر-: هو الذي يرويه جمع يستحيل في العقل تواطؤهم على الكذب، أو وقوعه منهم اتفاقًا من غير قصد عن مثلهم من أول السند إلى منتهاه، ويكون منتهى خبرهم الحس.
هذا التعريف يحمل في طياته الشروط التي لا بد من توافرها في الحديث المتواتر، والتي أشار إليها ابن حجر في الكلام الذي نقلناه عنه فيما سبق.
أول هذه الشروط العدد الكثير، بمعنى أن يجتمع في كل حلقة من حلقات الإسناد عدد كثير من الرواة، وقد ذهبوا في تحديد هذا العدد مذاهب شتى تبعًا لاعتبارات متعددة.
حتى نفهم هذا الشرط الأول نحن نعلم جميعًا من خلال دراساتنا المتعددة في مواد كثيرة كالمصطلح وغيره أن الإسناد: عبارة عن الرجال الذين نقلوا لنا الحديث،