الشيء، سواء مع التتابع أو مع فترة بينهما، اشترط التراخي، وسمى مجيء الشيء بعد الشيء بفترة التواتر، فإن لم تكن هناك فترة سماها مداركة ومواصلة "وإلا فهي مداركة ومواصلة" يعني ليست تواترًا.
الخلاصة بعد هذا أن التواتر هو التتابع مع التراخي أو بدون التراخي على الرأيين معًا، والأول أقوى نظرًا لما قاله صاحب (الصحاح) الأول الذي نقصده الذي هو بعد التراخي. ولعل مما يساعد على هذه القوة، قول الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} (المؤمنون: 44) أي متتابعين رسولًا بعد رسول، بينهما فترة، فلم تكن مدد قريبة في بعض الأحيان، هذا من حيث اللغة.
أما من حيث الاصطلاح، فالتواتر له تعريفات متعددة، وسنذكر له تعريفًا يجمع في طياته الشروط التي اشترطوها في التواتر.
ابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول في (نزهة النظر) عن المتواتر: "فإذا جمع هذه الشروط الأربعة، وهي عدد كثير، وأحالت العادة تواطؤهم على الكذب، ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء، وكان مستند انتهائهم الحس، ويضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه، فهذا هو التواتر".
هذا تعبير وتعريف ابن حجر -رحمه الله تعالى- في (نزهة النظر)، أما الخطيب البغدادي فيعرفه -رحمه الله تعالى- في كفايته فيقول: "فأما خبر التواتر، فهو ما أخبر به القوم الذين بلغ عددهم حدًّا يعلم عند مشاهدتهم بمستقر العادة أن اتفاق الكذب منهم محال، وأن التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم متعذر، وأن ما أخبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله، وأن أسباب