الأرضية الموجودة في ذاك الزمان السالف، من حدود الصين شرقًا إلى المغرب غربًا، ومن أواسط روسيا شمالًا إلى نيجيريا جنوبًا، هذا من حيث اتساع الدولة.
عمر بن عبد العزيز وجد، وقد أوشك عصر الصحابة أن ينتهي من ناحية الوجود، ومن ناحية التأثير العلمي يعني صحيح أن عصر الصحابة امتد بعد عمر بن عبد العزيز إلى سنة 110 هذا من الناحية التاريخية اتفاقًا، لكن الحقيقة أنه لم يكن قد بقي إلا الواحد بعد الواحد، عصر الصحابة نستطيع أن نقول: انتهى من الناحية السياسية من قيادة الأمة سنة 60 هجرية بموت معاوية -رضي الله عنه- وبقي تأثيرهم العلمي إلى قرابة نهاية القرن الأول؛ لأنه حين توفي معاوية -رضي الله عنه- كان جملة من الصحابة لا زالوا أحياء.
منهم خمسة من السبعة المكثرين: ابن عباس وابن عمر، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وكان أيضًا هناك جملة من الصحابة الآخرين: عبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن الزبير وغيرهم، وعبد الله بن عمرو بن العاص، موجودون، ولهم نشاطهم العلمي، وهم الأساتذة في العالم الإسلامي كله.
لما انتهت هذه الظروف عمر بحاسته الإيمانية القوية خاف -بعد انتهاء جيل الصحابة- أن يضيع شيء من العلم من السنة علينا أن نجمع الجهود التي سبقت في تدوينها قبل أن تضيع، فكتب إلى علماء الأمصار أنْ اجمعوا حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنه كان يعلم أن المدونات تملأ أرجاء العالم الإسلامي، هو كان يريد أن يضم تلك المدونات المتفرقة أولًا ليكون عنده ديوان واحد في السنة، والأهم لكي يحفظ تلك الجهود التي كانت تملأ العالم الإسلامي.
أما أنه بدأ من فراغ، فهذا ما لا يجوز عقلًا، ولا واقعًا، ولا تقبله فطرة؛ لأنه كان