وحده، وإنما علم أن هناك أحاديث كثيرة خارج دائرة (الموطأ) تناقلها الصحابة إلى البلاد، أو نقلها الصحابة إلى البلاد الذين دخلوها، وأقاموا بها.
في تصنيف الحديث كما قلنا، صنفت الكتب على الأبواب، وعلى المسانيد إلى آخره، وبالتالي نستطيع أن نتأكد من الرد على هذه الشبهة، وأن الحقيقة الساطعة هي أن السنة قد دونت خلال عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة من بعده، وأوائل التابعين، صحيح أنها في صحف وأجزاء، لكنها على أي حال قد دونت، وأنه قد تلت ذلك مرحلة تالية، وهي مرحلة طبيعية تترتب تلقائيًّا على المرحلة الأول، وهي مرحلة نسميها مرحلة التكوين أو الجمع، وهي ضم هذه الصحائف المتفرقة لتكون مع بعضها يعني نسيجًا في خدمة السنة المطهرة، ثم ندخل بعد ذلك إلى عصر المصنفات، وبالتالي لا يمكن لا عقلًا، ولا واقعًا أن يأمر عمر بن عبد العزيز بتدوين السنة، فلا تكون هناك جهود موجودة قبل ذلك، هذا مخالف لسنة الله في تكوين العلوم.
إن المراحل التي يمر بها العلم سبحان الله كنشأة الأطفال تمامًا، جنين ثم يعني حمل، ثم كذا ثم يولد طفلًا رضيعًا صغيرًا إلى أن يكبر.
عمر بن عبد العزيز يمثل مرحلة النضج، مرحلة تدوين السنة في مرحلتها الأخيرة، وحتى كلام عمر بن عبد العزيز يعطي في طياته الدليل على ذلك.
عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- يعلم أن الأمة الإسلامية، أو أن الساحة تمتلئ بكثير من الصحف، هو تولى الخلافة يعني إذا أردنا أن نفهم الظروف التي أدت إلى أمره بجمع السنة، يقول: اجمعوا وليس دونوا أو اكتبوا، "اجمعوا أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فإني خفت دروس العلم وموت العلماء".
عمر بن عبد العزيز يحكم دولة نستطيع أن نعتبرها أنها كانت نصف الكرة