والقرآن الكريم نفسه استعمل هذا المنهج في إثبات نبوته في مثل قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} (العنكبوت: 48). هو هنا يتحدث عن أميته قبل البعث، وأنت كنت أميًّا لا تقرأ {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} أي: ولو كنت كذلك لارتاب المبطلون المشككون، وقالوا: إن القرآن ليس من عند الله، ولكنه من كلام محمد -صلى الله عليه وسلم-، لكنه أمي لا يقرأ ولا يكتب. وأيضًا: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (الضحى: 6 - 7) إلى آخر الآيات، وأيضا. {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} (التكوير: 22)
القرآن الكريم آثر، أو عبر بلفظ الصحبة؛ ليبين للأمة، أو للخلق جميعًا، ولكفار قريش، أنكم صحبتموه مدة طويلة من الدهر قبل أن يبعث، وما جربتم عليه كذبا، ولا جربتم جنونًا، وأنتم الآن تفترون عليه بهذه الدعاوى الباطلة، فلم يقل مثلًا: وما محمد بمجنون، وإنما قال: وما صاحبكم بمجنون؛ ليبين أن هذا الاتهام الظالم ليس له أساس، وأنتم أول من يعلم الكذب في هذا الاتهام؛ لأنكم قد صحبتموه على الأقل مدة أربعين سنة قبل أن يوحى إليه -صلى الله عليه وسلم-.
من أمثلة الرؤى التي هي جزء من السنة: ما روته أمنا عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخاطبا إياها: ((أريتك في المنام مرتين -هذا في المنام- إذا رجل يحملك في سرقة من حرير، فيقول: هذه امرأتك. فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه)) هذا رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، وفي كتاب النكاح: نكاح الأبكار، وأيضًا في كتاب النظر إلى المرأة قبل التزويج، في كتاب النكاح. ورواه الإمام مسلم أيضًا في كتاب النكاح في النظر إلى المرأة.