اتكائه -صلى الله عليه وسلم- يفيدنا: أن الإنسان يغير من هيئته؛ لكي يبين أهمية الموضوع الذي يتحدث فيه.
أما الرؤى المنامية: فهي جزء من السنة، وذلك ثابت بالقرآن الكريم في قصة سيدنا إبراهيم في ذبحه لولده: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (الصافات: 102)، وولده علم أن هذا وحي وأمر من الله تعالى، فقال له: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} (الصافات: 102).
وعندنا رؤى كثيرة: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} (الأنفال: 43) فالله تعالى هو الذي أراه {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} (الفتح: 27) فما يراه الأنبياء في نومهم هو من وحي الله تعالى لهم؛ ولذلك كل كتب السنة جعلت قسمًا منها خاصًّا بالرؤى، على اعتبار أنها جزء من السنة، عند الإمام البخاري رؤى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسماه: كتاب التعبير أي: تأويل الرؤيا، وعند الإمام مسلم سماه: كتاب الرؤيا، وموجود في كل كتب السنة؛ ليدلنا على أن الرؤيا -بالألف- أي: التي يراها النائم في نومه بالنسبة للأنبياء هي جزء من الوحي، أو بالمعنى الأدق: هي صورة من صور الوحي، فهي وحي من الله تعالى لهم؛ ولذلك هو جزء من السنة.
بقي الجزء الأخير وهو ما يتعلق بقبل البعثة أو بعدها، بعد البعثة أمر مفهوم؛ أصبح نبيًّا، وصرنا مأمورين بالاقتداء به -صلى الله عليه وسلم-، أما قبل البعثة، ولم يكن بعد نبيًّا، ولم يطلب منا أن نقتدي به قبل نبوته -صلى الله عليه وسلم-: فكيف تعتبر أحواله من السنة قبل البعثة؟ والحقيقة، أهل العلم جعلوا هذا الأمر جزءا من السنة؛ لأن فيه إثباتًا لصدق نبوته -صلى الله عليه وسلم-، يعني: هي لست كل الأمور قبل البعثة من السنة باعتبارها هديًا نقتدي به، وإنما أحواله الكثيرة قبل البعثة تضمنت الأدلة على صدق بعثته، وعلى صدق نبوته، وعلى أنه صادق أمين فيما يخبر به عن الله -تبارك وتعالى.