أيًّا كان العدد محل الشاهد أن جابرًا كان له منسك مكتوب في الحج، ووصفه للحج هو أوسع وصف لحجة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا ابن حجر -رحمه الله تعالى- في (الإصابة) في جزء 5 ص86 يذكر في ترجمة أبي ريحانة الأزدي من الصحابة الذين نزلوا الشام ومصر، يقول: "كانت له صحف، وهو أول من طوى الطومار والطومار هو الصحيفة، يجمع على طوامير؛ إذن له أيضًا صحيفة، هذا الكلام أثبته ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
كل تلك الصحف السابقة التي أشرنا إليها، هذا غيض من فيض، ونقطة من بحر، والصحائف كثيرة، إنما أردنا فقط ذكر بعضها للإشارة أو للاستدلال على أن السنة بدئ في تدوينها منذ عصر النبي -صلى الله عليه وسلم.
وهذه الصحف التي أشرنا لعبد الله بن عباس، ولعلي بن أبي طالب، ولعبد الله بن عمرو بن العاص، وصحيفة همام بن منبه، وأبي رافع، وعبد الله بن أوفى، إلى آخر وأنس وجابر، كل هؤلاء غير تلك الصحف التي كان فيها بعض من أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي كان يكتبها لهم في أي مناسبة من المناسبات.
ومن ذلك ما يرويه ابن أبي ليلى عن عبد الله بن حكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب، ولا عصب)) هذا الحديث رواه الإمام الحاكم في (معرفة علوم الحديث) أثناء حديثه عن النوع الحادي والعشرين من علوم الحديث، وهو معرفة ناسخ الحديث من منسوخه. وقال عن هذا الحديث: إنه منسوخ بحديث ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بشاة ميتة فقال: ((هل انتفعتم بجلدها)) قالوا: يا رسول الله إنها ميتة. قال: ((إنما حرم أكلها)).
بعض الأحاديث تتناول أحكامًا فقهية أو عقدية أو ما شاكل ذلك، إذا استطردنا إلى توضيحها يطول بنا المقام جدًّا، لكننا نقتصر على يعني محل الشاهد، وهو أنها كانت صحيفة مكتوبة "قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".