كريبًا هذا كان هو أمين المكتبة المسئول عنها أمام الله تعالى، فكان الذي يريد كتابًا يستعيره، ويأخذ منه ما يريد ثم يرده إلى كريب مرة أخرى، لم يستثن أحد من ذلك، وعلي بن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهم أجمعين- كان يفعل ذلك.
الدكتور صبحي الصالح -رحمه الله تعالى- في كتابه (معرفة علوم الحديث) يقول عن كتب ابن عباس هذه: "ويتعاقب الناس على الرواية عنها، والأخذ منها، حتى امتلأت كتب التفاسير والحديث بمسموعات ابن عباس ومروياته، ولكننا مع ذلك لا نستطيع تحديد الزمن الذي تلقى فيه تلك الصحائف، ولا الصورة التي تلقيت عنها لأن الصحائف ليست موجودة، لكن خبرها موجود في بطون الكتب.
أيضًا من الصحابة الذين كتبوا: جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- كانت له حلقة في المسجد النبوي يلقي فيها إلى تلاميذه من كتبه، وأيضًا كان له منسك في الحج، كتاب في الحج، وأوسع الروايات التي وصفت حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع هي رواية جابر بن عبد الله، تصف الحجة التي أداها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أول أن أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الناس أنه يريد الحج من عامه هذا إلى أن انتهت الرحلة المباركة، وعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة.
هذه الرواية رواها الإمام مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصف الحجة من أولها إلى آخرها، كما قلت، منذ كانت فكرة أو يعني لم يشرع في العمل بعد، النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد الحج من عامه هذا، فأذن في الناس جميعًا في المدينة وفي حواليها؛ لكي يشرف بالمشاركة من يريد أن يصاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعلًا الروايات تعددت في عدد الصحابة الذين حضروا تلك الحجة المباركة، وبعضهم وصل بهم إلى أربعة عشر ومائة ألف صحابي رضي الله تعالى عنهما.