الحديث يحمل الدليل على الأمرين معًا على أن السنة كلها وحي من عند الله ((ما خرج مني إلا حق))، وأقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، والحق هو الذي جاءه من عند الله. والأمر الثاني: جواز الإذن بالكتابة أو جواز الكتابة ((اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق)) إذن عندي الآن صحيفة علي، وصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص، وكتابة عبد الله أثمرت صحيفة مشهورة اسمها صحيفة عبد الله أو هو أسماها الصادقة، وكانت قريبة جدًّا إلى قلبه.
وتلميذه مجاهد يقول: دخلت عليه أي على عبد الله بن عمرو بن العاص فتناولت صحيفة تحت رأسه، فتمنع عليه يعني كأنه أبى أن يعطيه إياها، فقلت: "تمنعني شيئًا من كتبك؟ " فقال: "هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه فيها أحد" كان يعتز بها؛ لأنها سماعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وهذه الصحيفة، والوهط فلا أبالي.
يعني عبد الله خاف الصحيفة أن يعيطها لتلميذه، فقال: "هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه فيها أحد، فإذا سلم لي كتاب الله، وهذه الصحيفة والوهط، فما أبالي ما كانت عليه الدنيا" هذا يعني رواه الإمام الدارمي وغيره في كتاب العلم، باب من رخص في كتابة العلم. والوهط يعني الحديقة، كانت لعمرو بن العاص -رضي الله عنه- بالطائف، وآلت من بعده لابنه عبد الله.
ومن هذه الصحيفة ما رواه الإمام أحمد في مسنده بسنده إلى أبي سبرة أنه قال: كان عبيد الله بن زياد يسأل عن الحوض، حوض محمد -صلى الله عليه وسلم- وكان يكذب به، بعدما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائد بن عمرو، ويكذب به، فقلت له: ألا أحدثك في شفاء هذا؟ إن أباك بعث معي بمال إلى معاوية. "أباك" يقصد زياد بن أبيه، والد عبيد الله بن زياد بعث بمال إلى أبي سبرة إلى معاوية -رضي الله تعالى عنه- فلقيت