الحديث على ظاهره، ولم يصل إلا في بني قريظة، فرفعوا الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسل م- فأقر كلًّا من الفريقين على فهمه.
وأيضًا الرجل الذي ولاه النبي -صلى الله عليه وسل م- قيادة بعث من بعوثه -صلى الله عليه وسل م- فكان يصلي به ويختم قراءته بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص: 1) ولما رجعوا أخبروا النبي -صلى الله عليه وسل م- هذا أمر جديد، يقرأ في الصلاة الفاتحة ثم يقرأ ما شاء الله له أن يقرأ من القرآن، ثم يختم قراءته بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقال: ((سلوه لأي شيء يفعل ذلك؟)) فقال الرجل: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال له النبي -صلى الله عليه وسل م-: ((بلغوه أن الله يحبه)).
هذه كلها مواقف وغيرها عشرات وعشرات، كلما حدث للصحابة أمر من أمور دينهم أو من أمور دنياهم أسرعوا إلى النبي -صلى الله عليه وسل م- ليسألوه لأنهم يعلمون أن قوله وفعله حجة، وأن ما يأمرهم به عليهم أن يسمعوا له وأن يطيعوا في الصلاة ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) في الحج ((خذوا عني مناسككم)) في البيع، في الشراء، في النكاح، في معاملة الأهل في البيت في تربية الأولاد، كل ذلك يتعلمونه من النبي -صلى الله عليه وسل م-.
إذن الصحابة يعلمون أن السنة حجة، وأنهم لا بد أن يرجعوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسل م- في كل أمر من أمورهم.
أيضًا من الأدلة التي قالها العلماء على حجية السنة أنه يستحيل لا نقول يتعذر فقط، بل يستحيل إقامة الشرع من خلال القرآن الكريم وحده، والموضوعات التي تكلمنا فيها قبل ذلك من بيان علاقة القرآن الكريم بالسنة المطهرة تؤكد ما كررناه مرارًا من أن فهم القرآن يتوقف على السنة، وأنه لولا السنة لما فهمنا القرآن الكريم.