بلغ، ولما شهدت له الأمة، وكان يكون هناك تقصير في الرسالة ذاتها، وهذا أمر خطير، فالنبي -صلى الله عليه وسل م- لم يخل بشيء من التبليغ، وما دام الأمر كذلك، فإنه قد بلغ أحاديثه بناء على تكليف الله -تبارك وتعالى- له بالتبليغ، فهل يقول هذه الأحاديث من عند نفسه أو هي من عند الله -تبارك وتعالى-؟
إذن هي من عند الله -تبارك وتعالى- إما ابتداء بمعنى أنه لا يقول إلا بعد أن يأتيه الوحي، وإما انتهاء بمعنى أنه يقولها باجتهاده ثم يأتيه الوحي إما مصححًا، وإما مقرًّا، يصحح الوحي إن كان الأمر يحتاج إلى تصحيح، ويقره إن كان الأمر لا يحتاج إلى تصحيح.
وأيضًا قلنا تمسك الصحابة -رضوان الله عليهم- بالسنة حتى في الأمور التي تحدث بعيدًا عنهم، وكنا قد توقفنا عند هذه النقطة، وذكرنا بعض مواقف الصحابة التي، يعرضون الأمر على النبي -صلى الله عليه وسل م- لأنهم يعلمون أنه يشرع كما يشرع الله تعالى، ذكرنا قصة أم سليم في غسل الجنابة، وذكرنا قصة علي -رضي الله عنه- في المذي.
أيضًا قصة عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- في طلاق الحائق لما طلق امرأته، وهي حائض وأبوه عمر -رضي الله تعالى عنه- رفع الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسل م- فقال له ((مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تتطهر ... )) يعني الحديث طويل، لكن محل الشاهد أن عمر -رضي الله تعالى عنه- رد الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسل م- ليعلم منه الحكم الشرعي الصحيح.
أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- ((لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة)) هذا أمر منه -صلى الله عليه وسل م- والمؤمنون صاروا وانقسموا إلى فريقين في فهم الحديث، هناك من صلى في الطريق مخافة أن يخرج الوقت عن وقته المحدد أو أن تخرج الصلاة عن وقتها المحدد شرعًا، فصلوا في الطريق؛ لأنهم فهموا أن النبي -صلى الله عليه وسل م- لا يريد إخراج الوقت عن وقته المحدد، وإنما يريد منهم الإسراع للذهاب إلى ديار بني قريظة، وفريق أجرى