نعرفه من مناهج شيوخنا وعلمائنا وسلفنا الصالح في تلقي العلم، وتكبّد المشاق في سبيل ذلك، والرحلات إلى البلاد المختلفة على الناقة وعلى غيرها، وفي البر والحر والبرد، إلى آخر ما نعلمه جميعًا.
إذن، هو نهي عن الوصول إلى هذه الحالة، والحمد لله هذه الحالة لم تظهر في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم، لم يوجد أحدٌ أبدًا من الصحابة يقف موقف التردُّد، لا أقول الرفض في السنة وترك العمل بها، الحمد لله، برئ هذا الجيل الطاهر المبارك من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من التردِّي إلى مثل هذا الدرك السحيق.
إذن، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيَّن وجود هذه الطائفة في أكثر من حديث كما قلنا، ولذلك الإمام البيهقي -رحمه الله تعالى- يُورد هذين الحديثين في كتاب (دلائل النبوة) يعني يجعل إخباره -صلى الله عليه وسلم- هنا من الدلائل على نبوته -صلى الله عليه وسلم-؛ أولًا في وجود هذه الطائفة في أنها تكاد تُنكر السنة المطهرة، أو لعلها تنكرها وتكتفي بالقرآن الكريم، وأيضًا من وصفهم بأنهم متكئون على أرائكهم في شِبع وترفٍ، يقولون: علينا بالقرآن الكريم فقط، إلى آخر ما ذُكر، فهذا أيضًا إخبار من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يعني، السنة في كثير من النصوص أخبرت بوجود هذه الطائفة، جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن بين يدي الساعة كذَّابين فاحذروهم))، وهذا أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الإمارة، يكذبون على النبي -صلى الله عليه وسلم-، يكذبون على سنته، يقفون منها موقف المعاند الجاحد المنكر، يريدون أن يضيّعوا الإسلام من خلال الزعم بالاكتفاء بالقرآن الكريم وبالسنة المطهرة.
أيضًا: من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى ينبعث دجّالون كذَّابون، قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله)) هؤلاء ما داموا يزعمون ذلك فقد وقفوا من السنة موقف المعاند، بل من القرآن نفسه، الذي أخبر أن النبوة انتهت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40).