يشرّع لو قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل: نعم، يجب في كل عام؛ لكان هذا الأمر واجبًا على المسلمين جميعًا، ولما استطاعوا.
إذن، قوله يُوجب على الأمة، وكان على السائل أن يتفطَّن إلى أن الحج لو كان واجبًا في كل عام لبيَّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير سؤال؛ لأن تأخير البيان عن موطن الحاجة لا يجوز، فلو كان الحج واجبًا في كل عام لبيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الذكر الأول، وكان على السائل أن ينتبِه إلى هذا الأمر؛ ولذلك تركه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات لعله يتذكر، فلما استمر في سؤاله قال: ((لو قلت: نعم؛ لوجبت ولما استطعتم)) كأنه قال: كان عليك أن تتنبَّه إلى أن سكوتي يعني: أنه ليس بواجب، فلا تؤدي المسألة إلى مشقة على المسلمين، هذا أمرٌ غير مرغوب في الإسلام، لكن على كل حال المثال لتشريع السنة في مجال الإيجاب، كما ذكر في زكاة الفطر، وكما غيرها من الأحكام التي أشرنا إليها.
في مجال التحريم: حَرَّمت السنة أشياء كثيرة جدًّا جدًّا، في كتاب النكاح، في تحريم نكاح المتعة، في كتب السنة نرجع عند البخاري ومسلم وغيرهما، النبي -صلى الله عليه وسلم- حرّم نكاح المتعة: وهو أن ينكح الرجل المرأةَ إلى أجل على قدر معلوم بينهما يعني ثلاثة أشهر سنة كيفما يتفقان، المهم أن العقد محددٌ بوقت، وأن النكاح ينتهي بمجرد انتهاء العقد، هذا نكاحٌ كان قد شُرع، ثم نسخ وحرم، المهم أن الذي أباح هو النبي -صلى الله عليه وسلم- والذي حرّم بعد ذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا، في نفس حديث نكاح المتعة حرَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الحُمُر الأهلية -أي حرم أكلها- وكانت قدورهم تغلي بها في يوم خيبر، فلما بلغهم نهي النبي -صلى الله عليه وسلم؛ ألقوا القدور بما فيها، وثبت تحريمها، والذي حرمها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أيضًا، النبي -صلى الله عليه وسلم- حرَّم أن تُنكح المرأة على عمتها أو خالتها، يعني: القرآن