الكريم، وما في السنة المطهرة؛ فلا يحق لأحد أن يقول: إن هذا الأمر يتعارض مع العقل، أو يتعارض مع كذا، إنما تُناقِش صحتَه، ومتى ثبتت صحته تُعمِل عقلك في فهمه ليس أكثر، وليس في أن تتصادم معه.

هذه من القواعد المقررة التي ينبغي أن تتنبه لها الأمة في تعاملها مع أمور الشرع.

هناك قواعد كلية نستطيع أن نرد بها على بقية الشبهات، وهناك كتب نزلت في السوق يستبعدون الأحاديث التي تتعلق بالغيب، ويتصورون -أو هم يزعمون- أن ذلك احتياط للشرع، وعدم تصادم مع الأدلة؛ لماذا؟ لأن الأدلة كلها قاطعة بأنه لا يعلم الغيب إلا اللهُ.

نناقش هذه المسألة في ختام هذه النقاط؛ لأنها تقوّض الأساسَ الذي بَنَوْا عليه رفضهم لكل الأحاديث الغيبية: من الشفاعة، ومن الحوض، ومن الميزان، ومن نزول عيسى، ومن المهدي ... إلى آخره.

أكرر: "إذا صح الحديث فعلى العين وعلى الرأس"، هذا هو الميدان، نشتغل بصحة الحديث، فمتى ثبت لا نقول: إلا سمعنا وأطعنا.

يستدلون مثلًا بآية الأعراف: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (الأعراف: 188) {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65) في سورة النمل، يعني الآيات قاطعة في أن الذي ينفرد بعلم الغيب هو الله -تبارك وتعالى- في آخر سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (لقمان: 34).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015