بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الحادي والعشرون
(تابع حديث السحر، ودفع ما أثير حوله من شبهات)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأحبابه وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فوائد الحديث الهامة التي تدل على صحة الحديث، وعلى احتياجنا إليه، وعلى أن فيه منهجًا يُتَّبع إلى يوم القيامة، وأن فيه دروسًا وعظاتٍ وعِبَرًا، نحتاجها في كل شئون حياتنا:
أولًا: في هذا الحديث عَلَم ومعجزة، عَلَم من أعلام النبوة، معجزة من معجزات النبوة، أن الله -عز وجل- أطلَعَه على مكان السحر، وهو مكان خفيّ جدًّا، في جُبّ طَلْع شجر، في مُشاطة في بئر، شيء في داخل شيء، في داخل شيء، تحت صخرة كبيرة في وسط البئر، وكل ذلك أظهره الله تعالى عليه، وبعثَ ملكين يعالجانه ويخبرانه بمكان الجُبّ، هذه معجزة، هذا علم من أعلام النبوة، وهذا دليل ساطع وبرهان صادق على صدق نبوته -صلى الله عليه وسلم- وأنه أيضًا محفوظ من الله -تبارك وتعالى-.
لماذا لم يأخذوا من هذه دليلًا على العصمة، وتوقفوا على أن الحديث قد يتعارض مع العصمة؟ هذه هي العصمة الحقيقية، يتعرض لأذى ويُصْرَف عنه الأذى، ويُدَلّ على مكانه رغم تصور السحرة الذين فعلوا السحر أنهم مهرة، وأنهم أذكياء في إخفائهم للسحر في هذا المكان الدقيق، ونسُوا أو تناسَوا أن الله -عز وجل- يؤيده بالوحي، وأنه كان سيعلمه حتمًا، وإنما ظل بعض الوقت ليصبر النبي -صلى الله عليه وسلم- على الابتلاء من ناحية، ولنعلَم أن الأنبياء تُبتلَى كما يُبْتَلى البشر، ولِنَعلَمَ أن الأمر علاج في نهاية الأمر.
يعني: كأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يثبت المعجزة أمام الصحابة، فاصطحب معه نفرًا منهم ليعاونوه وليستخرجوا السحر، يكون ذلك دليلًا على أن المكان الذي حُدِّدَ