{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا} (الإسراء: 65). بل إن الشيطان نفسه يَعْلم قدراتِه، ويعلم أنه لا يستطيع أن يؤثر في عباد الله الصالحين، هو حين طلب من الله مهلة أن يبقى إلى يوم القيامة ليفتن مَنْ يُفْتَن قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (ص: 82، 83). والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد حدثنا عن بعض الناس في هذا، وهو عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقال في (الصحيحين) في مناقب عمر: ((إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لو رآك الشيطان سالكًا فجًّا قط، لَسَلَكَ فجًّا غير فجك)).

إذن الشيطان نؤكد أنه ليس له سلطان على عباد الله المخلصين، ولن يكون له سلطان أبدًا على أنبياء الله المرسلين، ومن أوّلِهم وعلى رأسهم سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو معصوم محفوظ بحفظ الله -تبارك وتعالى- من الشيطان. القلوب الممتلئة بذكر الله تعالى لن ينال منها الشيطان أبدًا، وإنما الشيطان تسلُّط الإغواء والإضلال، كتزيين المعاصي مثلًا والآثام، التكسب بالحرام، تزيين الكفر لهم -والعياذ بالله-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} (مريم: 83) تغويهم وتُزَيِّن لهم.

كل ذلك الأنبياء معصومون منه، يعني: لا يمكن أبدًا أن ينالوا من الأنبياء في هذا، ولا من عباد الله المخلصين، أما أن يعقِدوا عليهم بسحر أو بكذا، هذا من الأمراض التي تجري على الأنبياء كما تجري على البشر، فلم يقل أحد أبدًا: إن هذا التأثير من الشيطان يتعلق بدينهم، بسلوكهم، بطهارتهم، بعفتهم، باستقامتهم، كلا وحاشا، هذا هو الميدان الذي لا يستطيع الشيطان أبدًا أن يأتي لا إلى الأنبياء ولا إلى عباد الله المخلصين من هذا الباب، لا هو يستطيع إغواءهم ولا إضلالهم، ولا أن يُزيِّن لهم، ولا أن يحبب إليهم الفسوق والكفر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015