ورُدّ إلى نحورهم، وإلا لو لم يتعرض النبي -صلى الله عليه وسلم- للإيذاء أبدًا، فكيف كنا سنتعرف على أنه معصوم، هل سيكون عندنا دليل؟ فقط ظاهر الآية، أما مواقف عملية تعرَّض فيها لشيء وحُفِظَ، لو لم تكن لدينا تلك المواقف كيف كنا سنرى التطبيقات العملية لهذه الآية!!

إذن هذه التعرض للأذى دليل على عصمة الله له وحفظه للنبي -صلى الله عليه وسلم- بمعنى أنه يتعرض: يدبرون لقتله في الهجرة وفي غير الهجرة، يكيدون ضده، يضعون السم في طعامه، يسحرونه ... إلى آخر ذلك، لكن الدعوة ماضية إلى غايتها، ونصر الله معاضد لها، ولم يتركها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا وقد أصبحت على المحجة البيضاء، وأكمل أصحابه المهمة من بعده، فبلغوا دين الله للعالمين.

لم تتأثر الرسالة، ولم تتأثر الدعوة، ولم يتأثر الوحي ولا الموحَى به لا في القرآن ولا في السنة، ولا في التبليغ ولا في التشريعات، ولدينا الإسلام كله، ولدينا التحدي الذي نصرّ عليه، بأن يأتي أحد بحادثة واحدة فيها خلل في المنهج بسبب ذلك السحر الذي تعرض له النبي -صلى الله عليه وسلم-.

أيضًا لماذا الأمر في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

سيدنا موسى سُحِرَ، والقرآن هو الذي أثبت ذلك، ولم يقل أحد: إنّ سحر سيدنا موسى كان سببًا في شيء يتعلق بالدعوى، ونفس التعبير الذي استعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- استعمله ربنا مع سيدنا موسى: {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (طه: 66) خُيِّل إليه أنها تسعى بسبب ما صنعوه من السحر، أثَّرُوا فيه، لا أريد أن أقول سحروه، تعرض للسحر، فخيِّل إليه بسبب هذا السحر أن حبالهم وعصيهم تسعى، لكنها حبال وعِصِيّ، لم تخرج عن حقيقتها هذه؛ ولذلك آمن السحرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015